التعويض في جوهره جزاء مدني مقرر على من الحق بغيره الضرر ، ومن ثم فانه لا يتقرر التعويض إلا اذا كان هناك ضرر قد لحق بالشخص المضرور ، والضرر هو الركن الثاني من أركان المسؤولية التقصيرية ، إذ لا يكفي لتحقق هذه المسؤولية وقوع الخطأ بل من الضروري ان يترتب على هذا الخطأ ضرر.
ويبقي لازماً على المضرور ثبوت وقوع هذا الضرر ، ويجوز له أن ثبته بكافة طرق الإثبات باعتباره واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق.
والضرر في التشريع الكويتي وسائر التشريعات العربية ينقسم عادة إلى ضرر مادي وآخر أدبي، ونشير فيما يلي إلى طبيعة كل منهم:
شروط التعويض عن الضرر المادي
يتمثل الضرر المادي في الإخلال بمصلحة المضرور ، تلك المصلحة التي تقدر بقيمة مالية ، ويتحقق هذا الضرر اذا ما توافر شرطان :
الشرط الأول : الإخلال بمصلحة أو بحق المضرور : ويراد بالإخلال هنا هو التعدي على حقوق الأشخاص سواء تمثل هذا التعدي في التعدي على جسد الإنسان أو حياته – ويعد من ابلغ الأضرار المادية – لما ينشأ عنه عادة من وجود إصابات أو جروح أو إتلاف بأحد أعضاء الإنسان ومن ثم يترتب عليه الإخلال بقدرة الإنسان على الكسب فضلاً عن تكبده نفقات العلاج.
كما يتمثل التعدي على الحق في التعدي على ممتلكات الأشخاص، فمن اتلف سيارة غيره أو قلع زراعته أو إتلاف أثاث منزله أو غير ذلك من السلوكيات كان ذلك محققاً لوجود الضرر المادي.
ويتحقق الضرر المادي بصورة غير مباشرة كأن يقع فعل الاعتداء على شخص اخر غير المضرور ، ففي جريمة القتل يكون المضرور بصورة مباشرة هو المقتول لكونه قد أصيب في حياته ، غير انه في هذه الحالة لا يكون بقدرته المطالبة بحقه في التعويض ، لذا فانه يجوز لورثته المطالبة بالتعويض وذلك لكونهم أصيبوا من الضرر الذي نال من مورثهم ، اذ أصابهم فعل القتل بإخلال مادي تمثل في فقدانهم لعائلهم الوحيد ومن ثم حرمانهم من النفقة.
وقد يتمثل الإخلال بحق مالي ناشئاً عن الحاق الضرر بالمدين فيكون لدائنه ان يطالب بالتعويض عن الضرر الذي الحقه بمدينه ، كأن يقتل المدين ، فيكون للدائن ان يطالب القاتل هنا بتعويضه عن فقده لمدينه لما تمثل في فوات الفرصة عليه في استحقاق دينه.
الشرط الثاني: وقوع الضرر وتحققه: حتى يكون الضرر موجباً للتعويض عنه ، فانه يلزم ان يكون محقق الوقوع بان يكون واقعاً فعلاً أو انه سيقع حتماً ، والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة اخر هو ثبوت ان المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وان فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ فان القاضي يقدر ما فات على المضرور من فرصة تمثلت في فقد عائله ومن ثم فان القاضي يقضي له على هذا الأساس بالتعويض.
وفي حال اذا كانت الفرصة أمراً محتملاً ، وكان تفويتها امر محقق الوجود فانه يحق للمضرور ان يطالب بالتعويض عنها ، باعتبار ان القانون لا يمنع من ان يدخل في عناصر تقدير التعويض ما كان يمكن للمضرور ان يأمل في الحصول عليه من كسب متحقق من وراء هذه الفرصة ، غير ان ذلك يبقي مشروطاً بان يكون هذا الأمل مستنداً على أسباب مقبولة.
لذا يجوز المطالبة بالتعويض عن تفويت فرصة النجاح في الامتحانات ، وكذا التعويض عن تفويت الفرصة في كسب دعوي الشفعة ، وكذا التعويض عن تفويت الموظف الفرصة في الترقية إلى درجة اعلى.
وتطبيقاً لما تقدم فقد قضت محكمة التمييز الكويتية بانه ” يشترط للقضاء بالتعويض عن الضرر المادي ، الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وان يكون الضرر محققاً بان يكون وقع بالفعل أو ان يكون وقوعه في المستقبل حتمياً ، وانه وان كان فوات الفرصة أمراً محققاً إلا ان التعويض عنها مشروط بوقوع ضرر يتمثل في حرمان المضرور من كسب كان يأمل الحصول عليه ، وكان لهذا الكسب أسباب مقبولة يترجح معها وقوعه وليس مجرد احتمال افتراضي ، وان الكسب الاحتمالي سواء تمثل في تحقيق كسب أو تجنب خسارة ، يجب ان يكون محتمل التحقق وان يكون هذا الاحتمال بدرجة كافية على حد القول بترجيح وقوعه على عدم وقوعه ، وانه في حالة ادعاء الآباء بحرمانهم من كسب مستقبل نتيجة وفاة ابن لهم في حادث ، أنما يتوقف على ظروف الواقع ، وبصفة خاصة حالة المصاب المباشرة ومركزه المالي الذي سيكون عليه مستقبلاً ومقابلته بحالة طالب المساعدة والنفقة وما اذا كانت تلك المساعدة تستند إلى واجب أو التزام قانوني وغير ذلك من ظروف الحال.
محكمة التمييز الكويتية جلسة 17/3/2003 الطعنان 17 و 36 لسنة 2002 مدني مستحدث 2005 ص 161.
طالع ايضا :