استئناف حكم براءة فى جنحة ضرب ، إن من المبادئ الهامة التي ينبني عليها النظيم القضائي للمحاكم الجزائية مثل غيرها من المحاكم نجد مبدأ التقاضي على درجتين.
وهو مبدأ يعد من أهم الضمانات المحققة للعدل بين المتقاضين. إذ أن إمكانية إعادة النظر في الحكم ومراقبته من شأنه أن يجعل قضاة الدرجة الأولى يولون اهتماما للأحكام الصادرة عنهم حتى لا يقع نقضها من طرف قضاة الدرجة الثانية. ومن باب أولى وأحرى أن يتم تكريسه في إطار المحاكم الجزائية باعتبار القضايا التي ترد عليها أكثر خطورة من القضايا المدنية.
من بين القضايا الجزائية التي لا بد أن تخضع لمبدأ التقاضي على درجتين نجد القضايا المتعلقة بجنحة الضرب. تعتبر جنحة الضرب اعتداء على الحق في السلامة الجسدية وقد عرفه الفقه بأنه فعل اعتداء جسدي يتسلط مباشرة على الجسد ويُلحق به ضررا. وعلى مستوى الإجراءات الجزائية فإن اختصاص النظر في مثل هذه الجنحة يعود لمحاكم الجنح ابتدائيا ومحاكم الجنح المستأنفة في الدرجة الثانية.
هذا وقد تصدر محكمة الجنح حكما ابتدائيا يقضي إما الإدانة أو بالبراءة. وفي هذا المقال سيتم التركيز على الأحكام المتعلقة باستئناف حكم البراءة في جنحة الضرب دون غيرها من الأحكام.
فما هي الأطراف التي يخول لها القانون الكويتي استئناف حكم البراءة ؟
وما هي الإجراءات المتبعة في الاستئناف في الكويت ؟
وما هي أركان جنحة الضرب حسب القانون الكويتي ؟
الأطراف التي يمكن لها استئناف حكم براءة فى جنحة ضرب
الحكم الصادر في جنحة بالبراءة يجوز استئنافه من المدعي دون المحكوم عليه (المادة 5 فقرة أولى). وهو حكم منطقي باعتبار أنه لا يتصور استئناف المحكوم عليه لحكم صدر لفائدته.
طالع ايضا : الفرق بين الجنحة والجناية في القانون الكويتي
كما يمكن للمدعي أن يرفع دعوى مدنية للمطالبة بتعويض الضرر الحاصل له من الجريمة أو يستأنف الحكم الذي صدر في المادة المدنية بخصوص التعويض باعتبار أن هذا الأخير لا يغطي الأضرار الحاصلة للمتضرر. حيث يتولى المحامي تسجيل الاستئناف لفائدة الشاكي أمام محكمة الجنح المستأنفة ويمكنه في نفس الوقت أن يطالب بتعويض مؤقت حتى يقضى بوجه بات في الشكوى التي وقعت إثارتها ثم يرفع دعوى يطالب فيها بالتعويض المدني.
وإذا تم القيام بالدعوى المدنية في آن واحد مع استئناف الدعوى الجزائية أمكن للقاضي الجزائي بأن يقضي فيهما معا فينطق بإدانة المتهم ويحكم للمتضرر بالتعويض (المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية) أو يقضي بعدم سماع الدعوى الجزائية ويتخلى عن الدعوى المدنية التي يمكن القيام بها لوحدها أمام القاضي المدني.
لكن إذا أضر الحكم بالبراءة الصادر عن القاضي الجزائي بالمتهم أو ثبت كيدية الاتهام في حقه أو تم حفظ الشكوى الجزائية، فيمكن للمتهم أن يطالب بالتعويض.
أما إذا توفي المتهم قبل الاستئناف أو بعده، فإن الاستئناف يسقط اعتبارا لمبدأ شخصية الأحكام في المادة الجزائية. فلا يمكن تتبع ورثته مثلا، حيث تحفظ القضية المستأنفة من طرف النيابة العامة أو تقضي المحكمة بسقوط الاستئناف.
غير أن وفاة المتهم لا تأثير له على الدعوى المدنية إذ يمكن للمتضرر أن يقوم بالحق الشخصي أمام المحاكم المدنية ضد ورثة المتهم للمطالبة بجبر الضرر الحاصل له من الجنحة.
الإجراءات المتبعة في استئناف حكم براءة فى جنحة ضرب
أجاز المشرع الكويتي استئناف الأحكام الابتدائية الصادرة في المادة الجزائية ببراءة المتهم، وذلك سواء صدر الحكم حضوريا أو غيابيا وانقضى الميعاد دون أن يعارض فيه، أو صدر في المعارضة في حكم غيابي وذلك ما اقتضاه في المادة 199 من قانون الإجراءات الجزائية.
إن الاستئناف لا يُقبل إلا عند القيام به في أجل أقصاه عشرون يوما.
ويبدأ الأجل من تاريخ النطق بالحكم إذا كان الحكم حضوريا أو صادرا في المعارضة أو من تاريخ انقضاء أجل الاعتراض على الأحكام الغيابية وذلك ما اقتضاه المشرع الكويتي بالمادة 201 من قانون الإجراءات الجزائية.
ويستدعى الخصوم بالطريقة الإدارية أو عن طريق عدل منفذ.
ولا يستدعى القائم بالحق الشخصي إلا إذا كان القصد من الاستئناف رفع الدعوى المدنية إلى محكمة الاستئناف.
ولمطلب الاستئناف أثر تعليقي وأثر انتقالي.
فأما الأثر التعليقي فيتمثل في أنه لا يجوز تنفيذ الحكم المطعون فيه بالاستئناف.
ويشمل هذا الأثر الفرع الجزائي والفرع المدني فيتوقف تنفيذ الحكم خلال أجل الاستئناف وأثناء نشر القضية الاستئنافية إلا في الحالات الاستثنائية كما في صورة النفاذ العاجل أو سبق إيداع المتهم بالسجن فتظل بطاقة عاملة إلى انقضاء أمد العقاب المحكوم به ابتدائيا أو إلى أن يصدر الحكم من محكمة الاستئناف بطلب من ممثل النيابة العامة.
ويسرح المتهم حالا طالما قضت المحكمة الابتدائية بالبراءة بالرغم من كل استئناف إلا إذا استأنف النيابة العامة هذا الحكم. حيث يوقف تنفيذ هذا الحكم خلال أجل الاستئناف وأثناء نشر القضية الاستئنافية.
أما الأثر الانتقالي فيتمثل في نقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم الابتدائي بالبراءة، بجميع مسائلها الواقعية والقانونية إلى محكمة الاستئناف المتعهدة بالقضية مع مراعاة جملة من الحدود لها علاقة بموضوع الحكم الابتدائي وطلبات الأطراف وصفاتهم. فلا يمكن التمسك بطلبات جديدة أول مرة أمام محكمة الاستئناف ولا يمكن مقاضاة المتهم أول مرة من أجل تهمة لم تكن أصلا محل تتبع.
ولا يجوز للمحكمة أن تضر بحقوق المتهم المتعلقة ببراءته من جنحة ضرب إذا كان الاستئناف صادرا عنن المسؤول مدنيا أو القائم بالحق الشخصي.
وإذا كان الاستئناف صادرا عن ممثل النيابة العامة، فلمحكمة الاستئناف أن تقرر الحكم أو تنقضه كلا أو بعضا لفائدة المتهم.
ويبقى الحق في الاستئناف قائما لمن صدر ضده حكم حضوري أو يعتبر حضوريا أو فوت على نفسه أجل الاعتراض.
يقدم مطلب الاستئناف إلى كتابة المحكمة التي أصدرت الحكم، وتسجيل الاستئناف بالملف الجزائي لا ينصرف وجوبا إلى الفرع المدني إلا متى خصص المستأنف طعنه في ذلك الفرع. فإن سكت، انحصر الطعن في حدوده الجزائية.
وبمجرد تسجيل الاستئناف، يتولى ممثل النيابة العامة إحالة مطلب الاستئناف وأوراق القضية فورا على ممثل النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف.
ويمكن للمحكمة أن تقبل الاستئناف وأن ترفض، فإذا لم تتوفر جملة الشروط الشكلية في الآجال والصفة والمصلحة، تقضي المحكمة برفض الاستئناف شكلا فيُحرز حكم البداية قوة اتصال القضاء ويعاد الملف إلى كتابة محكمة البداية لتنفيذه.
ويبقى لكل مستأنف باستثناء ممثل النيابة العامة أن يرجع في استئنافه.
وإذا كان الاستئناف صادرا عن ممثل النيابة العامة، فلمحكمة الاستئناف أن تقر الحكم أو تنقضه كلا أو بعضا لفائدة المتهم.
وإذا كان الاستئناف صادرا عن القائم بالحق الشخصي، فليس لها أن تعدل الحكم بما يضر بحقوقه.
أركان جنحة الضرب الواجب توفرها وعقابها:
كغيرها من الجرائم تقتضي جنحة الضرب توفر ثلاثة أركان المعهودة في كل جريمة.
الركن القانوني يتمثل في تنصيص المشرع الكويتي على هذه الجنحة بصفة مستقلة عن بقية الجرائم بالمواد 160 وما بعد من قانون الجزاء.
أما الركن المادي، فيتمثل في فعل الضرب وهو كما رأينا في المقدمة ضغط على أنسجة الجسد بشكل يلحق به آلاما أو أضرار أخرى يمكن أن تكون وقتية أو نهائية.
بالنسبة للركن المعنوي، فإن جنحة الضرب هي جريمة قصدية فتقتضي بالتالي توفر القصد الجنائي العام وكذلك القصد الجنائي الخاص وهو نية إلحاق الضرر الصحي. فالقصد الجنائي العام هو المعيار الأساسي للتفرقة بين هذه الجنحة وجريمة المادة 164 من قانون الجزاء.
بخصوص العقاب، فبما أن جريمة الضرب هي جنحة فلا يجب أن تتجاوز مدة الحبس ثلاث سنوات والغرامة لا بد أن لا تتجاوز ثلاثة آلاف روبية (المادة 5 من قانون الجزاء).
بهذا المعنى فإن عقوبة جنحة الضرب المتعمد هي السجن لمدة لا تجاوز سنتين والغرامة التي لا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين طبق مقتضيات المادة 160 من قانون الجزاء.
أما من ارتكب جنحة ضرب خفيف، بشكل لا يبلغ في جسامته مبلغ الأفعال المنصوص عليها في المواد السابقة، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز ثلاثمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين (المادة 163).
أما إذا كانت جنحة الضرب غير قصدية بأن نتجت عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة للوائح، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين (المادة 164 من قانون الجزاء).
هذا ولم يكتف المشرع الكويتي بمعاقبة مرتكب الضرب على الأشخاص بل وعاقب كذلك على ارتكاب الضرب ضد الحيوانات الأهلية وهذا العقاب هو السجن لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز ثلاثمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين وهو ما نص عليه بالمادة 165 من قانون الجزاء.
أما إذا اقترنت جنحة الضرب بظرف من ظروف التشديد فإنها يمكن أن يمكن أن تبقى من صنف الجنح كما يمكن أن ترتقي إلى صنف الجنايات حسب الظروف الواقعية وهو الشأن في المواد 152، 161، 162 من قانون الجزاء.
الخاتمة
يتميز النظام القانوني المنطبق على استئناف حكم براءة في جنحة ضرب بازدواجيته باعتباره يشمل القضاء الجزائي وكذلك القضاء المدني لتعويض الأضرار الحاصلة ضرورة من الضرب.
كما ننصحك بمطالعة : قضايا الجنح في الكويت