يكتسي مبدأ الشفافية في القطاع العام أهمية بالغة في الكويت وذلك يعود للارتباط الوثيق بين القطاع العام من ناحية والمجتمع من ناحية ثانية فأجهزة الدولة والمؤسسات العامة ليست حكرا على شخص أو بعض الأشخاص كما هو الشأن في الشركات الخاصة أو المؤسسات الفردية، بل هي ملك للشعب وهذا الأخير له حق في الاطلاع على سير إدارة شؤون المرفق العام. ولتحقيق مبدأ شفافية المرفق العام، فقد أقر المشرع الكويتي حق كل فرد من أفراد الشعب الكويتي في الاطلاع على المعلومات الموجودة لدى الجهات العامة، وهو حق شخصي يقابله التزام الجهات العامة بتسهيل الحصول على المعلومات المراد الاطلاع عليها. لكن حق الاطلاع على المعلومات ليس حقا مطلقا، بل قيده المشرع الكويتي بجملة من الموانع سعيا منه إلى ضمان سرية بعض الوثائق والمعطيات التي تمس قطاعات حساسة في الدولة. لذلك، فقد نظم المشرع حق الاطلاع على المعلومات بالقانون رقم 12 لسنة 2020 بشأن حق الاطلاع على المعلومات والذي دخل حيز النفاذ في 7 مارس 2021 بمقتضى القرار الوزاري لسنة 2021
طالع ايضا : التقاضي الالكتروني في الكويت
1/تكريس حق الاطلاع على المعلومات:
أقر المشرع الكويتي حق الاطلاع على المعلومات بالمادة 2 من قانون 2020 الذي ينص على أن: “يحق لكل شخص الاطلاع على المعلومات التي في حوزة الجهات والحصول عليها (…) كما يحق له الاطلاع على القرارات الإدارية التي تمس حقوقه ومعرفة المعلومات التي يحتويها أي مستند يتعلق به”.
فهذه المادة قد حددت نوعين من المعلومات التي يحق للشخص الاطلاع عليه:
فالنوع الأول هو عام فهو يشمل المعلومات المتاحة للنشر والتي لا تخضع للسرية القانونية. مثل، القوانين والتسميات والترقيات في الإدارة العمومية وغيرها.
أما النوع الثاني فهو خاص بالشخص طالب المعلومة، سواء كانت قرارات إداریة أو مستندات متعلقة به.
وفي المقابل، ألقى المشرع على كاهل الجهات العامة واجب تمكين طالب المعلومة من ممارسة حقه في الاطلاع على المعلومات وهو ما يقتضي:
- تيسير الحصول على المعلومات للأشخاص: وذلك بالتخفيف من الإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على المعلومات وتقريب الخدمات من المواطن.
- ضمان كشفها في التوقيت وبالطريقة المحددة قانونا: مدة الرد على الطلب هي عشرة أیام قابلة للتمدید على ألا يتجاوز مجموع المدد ثلاثة أشهر (المادة 8)، فإما القبول وتمكین الشخص من الاطلاع على المعلومة، أو رفض الطلب مع الالتزام بتعليل قرار رفض الادلاء بالمعلومة.
هذا ويقصد بالجهات العامة الملقى على عاتقها هذا الالتزام “الوزارات والهیئات والمؤسسات العامة وغیرها من الأشخاص العامة والشركات الكویتیة التي تساهم فیها الدولة أو إحدى الجهات العامة بنسبة لا تزید على %50 من رأسمالها، والشركات والمؤسسات الخاصة التي تحتفظ بمعلومات أو مستندات نیابة عن هذه الجهات”. كما ورد بالمادة الأولى من القانون
وقصد تمكين طالب المعلومة من ممارسة حقه بأكثر نجاعة، فقد ألزم المشرع الكويتي الجهات العامة تعيين موظف أو مجموعة من الموظفين الذين يعملون لديها ذوي كفاءة وخبرة في النظر في طلبات الحصول على المعلومات يمنحون الصلاحيات الضرورية للبحث والوصول إلى المعلومات المطلوبة، سواء الموجودة على حامل الكتروني (فيشترط في الموظف أن تكون لديه معارف في مجال الإعلامية) أو على حامل ورقي (فيشترط في الموظف أن يكون على دراية بمجال التوثيق والأرشفة).
فإذا توصل الموظف للمعلومات المطلوبة، يتعين عليه تقديمها لمن يطلبها بتسليمه نسخا من الأوراق المتضمنة للمعلومات المطلوبة. (المادة 3 فقرة 2).
وقد أعد موقع بنك الكويت المركزي قوائم المعلومات المتاح الكشف عنها وهي على التوالي:
- القوانين والنظم واللوائح والقرارات التي تعمل الجهة بموجبها، والسياسات العامة التي تؤثر على الأفراد، والإجراءات المتبعة في عمليات اتخاذ القرار بما في ذلك قنوات الإشراف والمساءلة.
- الهيكل التنظيمي للجهة والاختصاصات والوظائف والواجبات، وكذلك السياسات والوثائق التنظيمية.
- أسماء رؤساء الجهات وشاغلي الوظائف القيادية أو من في حكمهم، وسلطاتهم وواجباتهم، وآلية التواصل معهم.
- معلومات عن البرامج ومشروعات وأعمال الجهة، ومؤشرات الأداء والجودة، والمشتريات والمناقصات.
- الخدمات وحقوق الانتفاع المقدمة للجمهور، وأية برامج دعم عامة، وقائمة المستفيدين وشروط الاستفادة منها.
- الوظائف العامة الشاغرة، وشروط وضوابط التعيين فيها، ونتائج الاختبارات والمقابلات الشخصية وأسماء المقبولين.
2/القيود الواردة على الحق:
في محاولة للموازنة بین حق الاطلاع وحمایة المعلومات، عدد المشرع (في المادة 12 من القانون) حالات حظر الاطلاع على المعلومات؛ وذلك راجع إما لطبیعة المعلومات كأن تكون متعلقة بالأمن الوطني أو الأمن العام والقدرات الدفاعیة، أو لكون المعلومة سریة بحكم الدستور أو القانون أو بقرار من المحكمة أو النیابة أو جهة التحقیق، أو لكون المعلومة تتعلق بالحیاة الخاصة لغیر طالب المعلومة إلا إذا وافق صاحب الشأن على ذلك، وغیرها من الحالات.
إضافة إلى الحالات العشر المذكورة في المادة 12 نجد أن البند 2 من ذات المادة یمنح مجلس الوزراء الحق في اعتبار الأوراق سریة بناء على عرض الوزیر، وللمدة التي یحددها المجلس، وبالتالي فإن السریة قد تمنح بقرار إداري صادر من مجلس الوزراء بناء على عرض الوزیر المعني أیا كانت طبیعة المعلومة المطلوب الكشف عنها، وذلك سیفتح الباب على مصراعیه للتوسعة من المعلومات غیر القابلة للاطلاع والسریة، وجعل تلك الحالات مجرد حالات ذكرت على سبیل الذكر لا الحصر، فكل معلومة یمكن اعتبارها سریة بقرار صادر من مجلس الوزراء. اضافة لذلك فإن اعتبار المعلومات سریة لمجرد ارتباطها بالشأن العام أو الاقتصاد او الصحة هو توسع غیر مبرر قد یفرغ القانون من محتواه.
قوائم المعلومات السرية التي لا يمكن الكشف عنها (أعدها موقع بنك الكويت المركزي):
- إذا كان الكشف عن المعلومات يمس الأمن الوطني أو الأمن العام أو القدرات الدفاعية.
- إذا تقررت سرية المعلومات بموجب الدستور أو القانون أو بقرار من مجلس الوزراء (بناءً على مقترح الوزير المعني) باعتبار الأوراق التي تضمنت تلك المعلومات سرية، وللمدة التي يحددها المجلس.
- إذا كان الكشف عن المعلومات يؤثر في سير العدالة أو يترتب عليه ضرر بالغير.
- إذا كانت المعلومات تتعلق بالحياة الخاصة أو الطبية والأحوال الشخصية والحسابات والتحويلات المصرفية، ما لم يوافق صاحب الصفة على الكشف عنها.
- إذا كانت المعلومات تتضمن سرًا تجاريًا وكان من شأن نشرها إضعاف مصلحة تجارية ومالية لذوي الشأن.
- في حال كانت المعلومات قد وصلت للدولة عبر دولة أخرى أو منظمة دولية وكان من شأن نشرها الإضرار بالعلاقات مع تلك الدولة أو المنظمة.
- إذا كان من شأن الكشف عن المعلومات إحداث خطر جدي وجسيم يؤثر في اقتصاد الدولة أو يمس بالثقة العامة بالعملة أو يضر بالصحة العامة أو البيئة.
- إذا كان الكشف عن المعلومات يسبب خطرًا على حياة فرد أو صحته أو سلامته.
- إذا تقررت سرية المعلومات بموجب قرار من المحكمة المختصة أو من النيابة العامة أو من الإدارة العامة للتحقيقات.
- إذا كانت المعلومات متعلقة بمنازعات الأسرة وقضايا الأحداث والتحقيقات الجارية في القضايا الجزائية.
الخاتمة:
يعد قانون حق الاطلاع على المعلومات أساسا قانونيا يمكن المحامين من تقديم استشارات بأكثر وضوح وأكثر فائدة لطالب الاستشارة وكذلك يمكنهم من الدفاع عن حقوق موكليهم سواء طالبي المعلومات الذين قد تمنعهم الجهات العامة من الاطلاع على المعلومات التي بحوزتها أو تماطل في تمكينهم من الاطلاع عليها، أو الدفاع عن حقوق الجهات العامة لضمان سرية بعض المعلومات التي بحوزتها ولحماية الأفراد في بعض الأحيان.
طالع ايضا : استقلال القضاء في الكويت