يترتب عن ارتكاب الجنحة أحيانا ضرر بالمجني عليه تستوجب إثارة المسؤولية المدنية للجاني إلى جانب مسؤوليته الجزائية وهذا الأمر له تداعياته على المستوى الإجرائي باعتباره يمكن المتضرر من الجنحة من طلب تعويض عادل عن الضرر الذي لحقه لدى القاضي المدني متبعا في ذلك الإجراءات المدنية. وتنتهي الإجراءات المدنية بصدور الحكم القضائي الذي يحرز بمجرد صدوره على حجية الشيء المقضي به والذي يؤسس لمبدأ اتصال القضاء باعتباره قرينة لا تقبل الحجة المضادة. هذا الحكم يمكن أن يصبح نهائيا عندما ينقضي أجل الطعن بالاستئناف. لكن إذا تم الطعن بالاستئناف في الأجل، فيجب انتظار صدور القرار الاستئنافي الذي يعد الحكم النهائي في القضية. هذا ويمكن أن يكتسي التعويض المحكوم به صبغة وقتية عند ثبوت الضرر دون تحديد مداه وعناصره طبق ما ورد بالمادة 158 من موجز القواعد المتعلقة بالتعويض كما يمكن أن يكون نهائيا عند ثبوت استقرار الضرر نهائيا. لذلك فإن مناط بحثنا في هذا المقال سيكون التعويض المؤقت دون التعويض النهائي. وماذا يترتب عن قضاء محكمة الجنح المختصة بهذا التعويض؟
متى تقضي المحكمة بالتعويض المؤقت
تقضي محكمة الجنح بالتعويض المؤقت عند عدم ثبوت استقرار الضرر نهائيا، فإذا ثبت استقرار الضرر نهائيا فللمحكمة القضاء بالتعويض النهائي ولو كان المطلوب تعويضا مؤقتا. وهو ما ورد ضمن المادة 157 من موجز القواعد المتعلقة بالتعويض.
طالع ايضا : عقود الفيديك في القانون البريطاني
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يمكن أن تقضي المحكمة بالتعويض المؤقت في إطار رفع دعوى جزائية متعلقة بجريمة معينة. حيث يتولى المحامي تسجيل الشكوى لفائدة الشاكي أمام المحكمة المختصة ويمكنه في نفس الوقت أن يطالب بتعويض مؤقت حتى يقضى بوجه بات في الشكوى التي وقعت إثارتها ثم يرفع دعوى يطالب فيها بالتعويض المدني.
2/آثار قضاء المحكمة بالتعويض المؤقت:
إذا أقامت النيابة العامة الدعوى الجزائية ضد المسؤول وتداعى المتضرر مدنيا أمام محكمة الجنح طالبا الحكم بتعويض مؤقت عما أصابه من ضرر ناتج عن تلك الجنحة وقضت له المحكمة بذلك، فإنه يجوز له بعد ذلك أن يرفع دعوى أمام المحكمة المدنية المختصة يطلب منها تكملة التعويض لأن موضوع الدعوى المدنية ليس هو ذات موضوع الدعوى الأولى بل هو تكملة له.
وعلى ذلك، إذا حرك المتضرر الدعوى الجزائية بالطريق المباشر كما إذا أقام المتضرر دعوى جنحة مباشرة ضد المسؤول وطلب بعد توقيع العقوبة الجنائية عليه الحكم له بتعويض مؤقت وأجابته لطلبه، فإنه يجوز له متى أصبح الحكم باتا أن يطلب من المحكمة المدنية تكملة التعويض.
فالحكم الصادر بالتعويض المؤقت يكتسي حجية في هذا الخصوص يمنع الخصوم أنفسهم من التنازع فيها في أية دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق، فلا يجوز المجادلة في مبدأ استحقاق التعويض. إذ أن الحكم بالتعويض المؤقت قد أحاط بالمسؤولية بكافة أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية ويرسي دين التعويض في أصله ومبناه.
تقادم الحكم النهائي بالتعويض المؤقت
نص المشرع الكويتي بالفقرة الثانية “أ” من المادة 450 من القانون المدني أنه: “إذا حكم بالحق، وحاز الحكم قوة الأمر المقضي، فإن المدة المقررة لعدم سماع الدعوى به تكون خمس عشرة سنة”. أي أن الحكم يسقط ويفقد صبغته الإلزامية بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صدوره.
خصم التعويض المؤقت من التعويض النهائي
إذا رفعت الدعوى أمام المحكمة المدنية لتكملة التعويض المؤقت الذي قضت به محكمة الجنح، فإنه يتعين على المحكمة المدنية بعد أن تقدر التعويض الإجمالي الذي يستحقه المضرور أن تخصم منه التعويض المؤقت الذي قضت به محكمة الجنح ثم تقضي بالمبلغ الباقي. وإذا لم تقم المحكمة المدنية بخصم التعويض المؤقت، فإن حكمها يصبح معيبا وذلك طبق مقتضيات المادة 159 من موجز القواعد المتعلقة بالتعويض.
الخاتمة:
يعد التعويض المؤقت حقا مخولا للمتضرر من الجنحة يمكنه من ضمان حقه في التعويض الكلي لاحقا وذلك عند ثبوت الضرر في جانب المتضرر ويخول له هذا التعويض المؤقت من المطالبة بتكملة التعويض لاحقا مقابل خصم التعويض المؤقت من التعويض النهائي.
طالع ايضا : أنواع قضايا الجنح