قد تعترض المحامي، أثناء ممارسته لمهنته، مجموعة من النزاعات تتعلق بالتعويض عن الأضرار تقتضي من المحامي دراية ومعرفة دقيقة بأحكام التعويض بصفة خاصة وأحكام المسؤولية المدنية الموجبة للتعويض بصفة عامة. ويتم تقدير مدى تمكن المحامي من مثل هذه الأحكام من خلال عدة معايير مثل إنجاز بحوث حول المسؤولية المدنية أو تجربته العملية في التعامل مع قضايا التعويضات وغير ذلك من المعايير. لذلك كان لا بد على المحامي أن يكون على بصيرة بأسس التعويض ومقاديرها التي نظمها المشرع الكويتي أساسا بالمواد 227 إلى 261 من المرسوم رقم 67 لسنة 1980 المتعلق بإصدار القانون المدني. فما هي أسس التعويض عن المسؤولية المدنية التي لا بد على المحامي أن يلم بها؟ وما هي الإجراءات التي على المحامي اتباعها في قضايا التعويضات؟
1/إلمام المحامي بأسس التعويض وشروطها:
تقتضي مهنة المحاماة من أي ممارس لها أن يعتمد في القضايا التي ترد عليه تقنية هامة وأساسية يعتمد عليها رجال القانون بمختلف صفاتهم وهي تقنية التكييف. فلكي ينجح المحامي في كسب قضيته الموكل بها لا بد أن يضفي على الوقائع الواردة بها التكييف الصحيح.
وكذا الشأن في قضايا التعويضات، حيث يجب على المحامي يكيف وقائع القضية التكييف الصحيح بناء على ما لديه من معارف بشأن أحكام التعويضات والمسؤولية المدنية.
إننا بإمعان النظر إلى الأحكام المتعلقة بالتعويض في حد ذاته، نجد أن الفقهاء صنفوا التعويض إلى نوعين مختلفين: إذ يمكن أن يكون التعويض عينيا وهو الذي يتشكل بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل الضرر. مثل: هدم حائط، فالتعويض العيني يقع ببنائه كما كان من قبل.
شاهد ايضا : قانون الاثبات الكويتي
كما يمكن أن يكون التعويض بمقابل وهو الذي يقع بأداء مبلغ مالي يراعى فيه قيمة المضرة.
وسواء كان التعويض عينيا أو بمقابل مالي، فإنه يخضع لنظام قانوني واحد حدد أسس وشروط التعويض ومقداره.
يقوم التعويض على عدة أسس تتمثل إما في المسؤولية التقصيرية والتي تعد قسما من أقسام المسؤولية المدنية حيث لا تربط المتسبب بالضرر أي علاقة تعاقدية بالمتضرر. مثل حوادث الطرقات، أو الأضرار التي يتسبب بها الناقل الجوي للغير على سطح الأرض وغيرها.
ويتأسس التعويض كذلك على المسؤولية التعاقدية حيث تربط المتسبب بالضرر والمتضرر علاقة تعاقدية سابقة. مثل حوادث الشغل، الأضرار التي يسببها الناقل للركاب أو البضائع وغيرها.
هذا ويقتضي استحقاق المتضرر للتعويض بتوفر ثلاث شروط: فعل ضار، وضرر وعلاقة سببية بين الفعل الضار والضرر.
لكن التعويض كالتزام مالي محمول على المتسبب في الفعل الضار يجب أن يتم في حدود مقادير مضبوطة يمكن أن يتفق عليها أطراف النزاع، ويمكن أن يحددها القاضي من تلقاء نفسه عند عدم الاتفاق وذلك طبق مقتضيات المادة 245 من مرسوم 1980 المتعلق بإصدار القانون المدني.
بالإضافة إلى أحكام هذه المادة، نجد تنظيما دقيقا لمسألة تحديد مقدار التعويض في المواد الموالية: من المادة 246 إلى المادة 254 من نفس المرسوم.
2/الإجراءات المتبعة من قبل المحامي في قضاي التعويضات:
يلتزم المحامي قضيا التعويضات في إطار واجباته بالسعي الدائم لإرجاع حقوق المتضررين وذلك من خلال قضايا التعويضات.
تختلف الإجراءات المتبعة أمام القضاء في مادة التعويضات بين ما إذا كان التعويض مؤسسا على فعل ضار موجب للمسؤولية المدنية وحدها أم ما إذا كان التعويض مؤسسا على فعل ضار واحد يؤسس للمسؤولية المدنية والمسؤولية الجزائية في نفس الوقت.
في الحالة الأولى سيتداعى المحامي في حق موكله أمام القاضي المدني فقط. حيث يقوم المحامي بتسجيل دعوى مدنية أمام المحكمة المختصة بناء على عريضة تتضمن هويات أطراف الدعوى والمطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل للمتضرر وتسقط دعوى التعويض بمضي ثلاث سنوات من يوم علم المضرور بالضرر وبمن يسأل عنه، أو خمس عشرة سنة من وقوع العمل غير المشروع وذلك طبق مقتضيات المادة 253-1 من المرسوم عدد 67 لسنة 1980 المتعلق بإصدار القانون المدني. ثم يتم استدعاء الطرف الآخر طبق قانون الإجراءات المدنية كي يدلي بدفاعاته في الآجال ثم يصدر القاضي المدني حكمه بتعويض المتضرر في إطار جلسة المرافعة.
أما في صورة ما إذا كان التعويض مؤسسا على فعل ضار غير مشروع واحد تقوم بمقتضاه المسؤولية المدنية من جهة والمسؤولية الجزائية من جهة أخرى لكونه يمثل جريمة، فإن المحامي يتولى تسجيل شكوى جزائية لفائدة الشاكي أمام القاضي الجزائي ويمكنه في نفس الوقت أن يطالب بتعويض مؤقت حتى يقضى بوجه بات في الشكوى التي وقعت إثارتها ثم يرفع دعوى يطالب فيها بالتعويض المدني.
وإذا تم القيام بالدعوى المدنية في آن واحد مع الدعوى الجزائية أمكن للقاضي الجزائي بأن يقضي فيهما معا فينطق بإدانة المتهم ويحكم للمتضرر بالتعويض أو يقضي بعدم سماع الدعوى الجزائية ويتخلى عن الدعوى المدنية التي يمكن القيام بها لوحدها أمام القاضي المدني.
طالع ايضا : جريمة التشهير في القانون الكويتي
لكن إذا أضر الحكم بالبراءة الصادر عن القاضي الجزائي بالمتهم أو ثبت كيدية الاتهام في حقه أو تم حفظ الشكوى الجزائية، فيمكن للمتهم أن يطالب بالتعويض.
الخاتمة:
تعد قضايا التعويضات من الاختصاصات الهامة والأساسية التي تقتضي من المحامي إلماما بجميع مسائل القانون المدني وخاصة بمادة المسؤولية المدنية بمختلف تفرعاتها مثلما رأينا آنفا. وكذلك لا بد ألا تكون معرفته نظرية بحتة، وإنما لا بد أن تكون له معرفة بالواقع وبالجانب العملي لمثل هذا الصنف من القضايا حتى يتمكن من القيام بالمحاماة على أكمل الوجوه.