يعد قانون الاثبات الكويتي من المسائل الجوهرية التي اعتنى بها القانون المدني في الكويت . ففي كل نزاع مدني يحتاج كل طرف لإقناع القاضي بما أدلى به من أقوال وادعاءات ترمي إلى ربح النزاع وإلزام خصمه بالرضوخ إلى الحكم القضائي الصادر لفائدته.
ولكي يضفي كل طرف في النزاع الصحة على ادعاءاته، كانت الحاجة إلى اللجوء إلى الإثبات كأسلوب فعال للمطالبة بالحقوق. لم يعرف القانون الكويتي الإثبات بل اقتصر على تفصيل النظام القانوني المنطبق عليه. هذا الفراغ التشريعي قد فتح المجال أمام الفقهاء لاستنباط تعريف دقيق للإثبات. وقد عرفه الفقهاء بأنه إقامة الدليل أمام القضاء على وجود الحق، فالإثبات، بهذا المعنى، يتعلق بالحقوق وليس بالقوانين التي تكرس تلك الحقوق. هذا ويعود تكريس آلية الإثبات إلى الأنظمة القانونية القديمة، بما في ذلك الشريعة الإسلامية التي جعلت من الإثبات وسيلة للحفاظ على الحقوق من الهدر والضياع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”.
فمن يتحمل عبء الإثبات ؟ و ماهي طرق الإثبات في القانون الكويتي؟
عبء الإثبات في قانون الاثبات الكويتي
تتعلق مسألة عبء الإثبات بتحديد الطرف الذي يتعين عليه تقديم الدليل أمام القضاء قصد إثبات واقعة معينة أو تصرف قانوني معين. فأطراف النزاع، بهذا المعنى، هي وحدها التي تتحمل مهمة الإثبات .
كما أن مسألة عبء الإثبات تنطوي على مبدأ واستثناءات.
فمبدئيا المدعي في الأصل، أي الذي رفع الدعوى، هو الذي يتحمل عبء الإثبات. وقد أقر التشريع الكويتي هذه القاعدة في المادة 111 من الموجز لقواعد الإثبات الكويتي الذي ينص على أن: “البيّنة على من يدعي خلاف الأصل.” وكذلك المادة 120 من نفس الموجز الذي ينص على أن: ” المدعى مكلف بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه.”.
لكن هذا المبدأ ليس مطلقا إذ ترد عليه جملة من الاستثناءات تتمثل أساسا في القرائن القانونية.
والقرينة القانونية هي التي وضعها المشرع وهي تقوم على استنتاج يسمح بالاستدلال على واقعة مجهولة من خلال واقعة أخرى معلومة. وهي على قسمين: قرائن قانونية قاطعة وقرائن قانونية بسيطة.
بالنسبة إلى القرائن القانونية القاطعة فهي تلك التي يعطيها المشرع حجية مطلقة مما يفضي إلى استحالة دحضها بالدليل الحكمي.
نذكر على سبيل المثال قرينة حجية الأمر المقضي به والتي نظمها التشريع الكويتي بالفصول 258 إلى 338 من الموجز لقواعد الإثبات الكويتي، الوفاء بالتقادم الفصلان 339 و340 من الموجز…
أما بالنسبة إلى القرائن القانونية البسيطة فهي على عكس القاطعة يجوز دحضها بالدليل العكسي. مثل قرينة حسن النية…
طرق الاثبات في القانون الكويتي
نظم المشرع الكويتي طرق الإثبات، وهي وسائل تعتمد في إثبات الحق، فاعتنى بتحديدها وبوضع القواعد الكفيلة في اعتمادها.
لقد حدد المشرع الكويتي طرق الإثبات وهي ست وسائل ذكرت على سبيل الحصر: الإقرار، شهادة الشهود، اليمين، القرائن القضائية، الكتب والخبرة.
بالنسبة للإقرار فهو اعتراف الشخص بصحة إدعاء خصمه وهو على نوعين: إقرار قضائي وإقرار غير قضائي.
الإقرار القضائي فهو الإعتراف لدى القضاء سواء أمام محكمة مختصة أو غير مختصة. وقد يكون صريحا كما قد يكون ضمنيا.
أما الإقرار الغير قضائي فهو الذي لم يصدر أمام القضاء. مثل: الإقرار أمام مركز الأمن…
بالنسبة لشهادة الشهود فهي تتمثل في تصريح صادر عن شخص أجنبي عن النزاعأثناء الإجراءات القضائية ويشهد به عما رآه أو سمعه أو بلغ إلى علمه من وقائع تتصل بالنزاع.
بالنسبة لليمين، فقد المشرع الكويتي بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة.
اليمين الحاسمة هي التي يوجهها أحد الخصمين على الآخر من أجل حسم النزاع.
شاهد ايضا : جريمة التشهير في القانون الكويتي
أما اليمين المتممة فهي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه لأحد الخصمين. والمقصود بها ” إراحة ضمير القاضي عند عدم كفاية الأدلة في الدعوى.” طبق القاعدة 426 من الموجز لقواعد الإثبات الكويتية و “للقاضي أن يقضي على أساسها باعتبارها مكملة لعناصر الإثبات الأخرى في الدعوى.”.
بالنسبة للقرائن القضائية، فهي التي يستخلصها القاضي من خلال تقديره للوقائع بشرط أن يكون استنتاجه قائما على مئشرات قوية، منضبطة ومتظافرة ومتناسقة.
الكتب، فقد عرفها القانون الكويتي في القاعدة 380 من الموجز لقواعد الإثبات بأنه: ” المستندات التي يقدمها أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى ومتابعة سيرها أمام المحكمة أو الخبير”. ويمكن أن تكون محررات رسمية أو محررات عرفية.
بالنسبة للخبرة، وتتمثل في تقرير الخبير المنتدب من قبل المحكمة.
الخاتمة
إن القواعد الكويتية المتعلقة بالإثبات من قواعد تتعلق بعبء الإثبات وقواعد تتعلق بطرق الإثبات تضمن حدا أدنى من الحماية للمتقاضين باعتبارها وسيلة تمكنهم من الوصول إلى حقهم.
