الصلح في القانون الكويتي | نظراً لكثرة ارتكاب الجرائم وحدوثها في مجتمعاتنا حاول الكثير للبحث عن بديل عن الدعوى الجزائية، نظراً لطول الفترة الزمنية التي تمر بها الدعوى من إجراءات ومعاملات وغيرها، لذا قرر البعض البحث عن بدائل، لتخفيف الضغط على الأجهزة الأمنية التي تسعى لتحقيق العدالة من جهة، ومن جهة أخرى لتكفل عدم ضياع حقوق المجني عليه، و أحد أهم هذه البدائل هو ” نظام الصلح الجنائي ” أو ” الصلح في الدعوى الجزائية”، بالتالي نص قانون الإجراءات الجزائية الكويتي رقم (17) لسنة 1960 على الصلح الجزائي، حيث يعد من أهم وسائل مواجهة العدالة الجنائية ، ويحقق أهداف السياسة الجنائية لما يؤدي إلى تهدئة العلاقة بين كل من الجاني والمجني عليه ، وخلق نوعا من الاستقرار في الأنظمة القانونية
يعرف الصلح الجنائي اصطلاحا بأنه نظام أو إجراء يتخذه الطرفان المجني عليه والجاني في انقضاء الدعوى الجزائية ووقف النزاع بينهما، لتجنب صدور حكم جزائي في تلك الدعوى والاستعاضة عنه بغرامة مالية تحدد بموجب القانون ويدفعها المتهم.
طالع ايضا : المسؤولية التقصيرية للطبيب في القانون الكويتي
حيث ان طبيعة الصلح الجنائي تعتبر طبيعة غير متوافقة المفهوم لأن نصفها طبيعة عقدية أو طبيعة جزائية لم يتم التوافق على تحديد هذا الطبيعة لكن الصلح الجزائي عبارة عن إجراء قانوني باتفاق إرادتين متقابلتين لإحداث أثر قانوني وهو انقضاء سلطة الدولة في العقاب.
الاثار القانونية للصلح الجزائي
أثر الصلح الجزائي في الدعوى الجزائية
يختلف أثر الصلح الجنائي في الدعوى الجزائية، فإذا كان الصلح الجنائي قبل تحريك الدعوى الجزائية، احتفظت الجهات المختصة بذلك بالأوراق، وإذا كان الصلح والدعوى ما زالت في مرحلة التحقيق من قبل النيابة العامة، تقوم تلك الأخيرة بإصدار قرار بحفظ الدعوى، أما اذا أحالت النيابة تلك الدعوى على المحكمة رغم تطبيق الصلح الجنائي فيها، ترفض المحكمة النظر بتلك الدعوى، أما إذا كان الصلح في مرحلة المحاكمة، انقضت الدعوى الجنائية، وإذا كان الصلح بعد صدور الحكم من المحكمة أي أصبح الحكم قطعيا، أوقف تنفيذ العقوبة، بالتالي أثار الصلح تقتصر فقط على طرفين الدعوى ولا تتعدى أطرافهم، ولا تلحق أثاره أي ضرر بالأخرين واذا حدث وتضرر أحد فيحق للمتضرر أن يقدم شكوى للجهات المختصة حتى لو الدعوى الجزائية انقضت نتيجة الصلح فيها.
أثر الصلح الجزائي في الدعوى المدنية:
لم يبين المشرع الكويتي في قانون إجراءات جزائية أثر الصلح الجنائي في الدعوى المدنية حيث انه في حال كان الصلح بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية حكما باتاً “قطعياً” يكون للمتضرر أن يرفع دعواه أمام القضاء المدني، إذ لا يكون هنالك أي دعوى جزائية معروضة أمام القضاء الجزائي تسمح له رفع الدعوى المدنية بالتبعية امام ذات القضاء.
والخلاصة أن الصلح بين المجني عليه والمتهم لا يحول دون الاستمرار في نظر الدعوى المدنية الماثلة، حتى وإن اشتمل الصلح على تنازل المجني عليه (المدعي المدني) عن حقوقه المدنية صحيح أن الصلح قد يثير بعض الشكوك حول مدى قبول الدعوى المدنية، إلا أنه لا يحول دون السير في هذه الأخيرة أمام القضاء الجنائي الذي يؤول إليه أمر الفصل في تقدير صحة ونطاق هذا التنازل، ذلك أنه إذا كان المدعي المدني قد أخطأ في تقدير طبيعة ونطاق حقه،و كان هذا الخطأ هو السبب الأساسي لتنازله عن حقه في الدعوى المدنية فإن الصلح يكون قد ولد مشوبا بعيب من عيوب الرضاء ويجرده بالتالي من أثره القانوني في عدم قبل الدعوى المدنية وعلى الرغم من أن هذا الحكم الأخير يتعلق أساساً بفكرة الخطأ في تقدير الضرر، وبالتالي بالحق في التعويض – وليس بحالة فاقم الضرر بعد سبق الصلح – إلا أنه يقرر مبدأ عدم انقضاء الدعوى المدنية نهائياً بالصلح تاركاً أمر هذا الأخير لمطلق تقدير القاضي.
تنص المادة 240من قانون إجراءات جزائية كويتي على في الجرائم التي يشترط لرفع الدعوى فيها صدور شكوى من المجني عليه، وكذلك في جرائم الايذاء والتعدي التي لا تزيد عقوبتها على الحبس لمدة خمس سنوات وجرائم انتهاك حرمة الملك والتخريب والاتلاف الواقع على املاك الافراد، والتهديد وابتزاز الاموال بالتهديد، يجوز للمجني عليه ان يعفو عن المتهم او يتصالح معه على مال قبل صدور الحكم او بعده.
ومن خلال قراتنا لنص المادة السابق يثار تساؤل حول ما هي الجرائم المعلقة على شكوى وما هي الشكوى
الشكوى هي اجراء يعبر به المجني عليه في جرائم معينه عن ارادته في رفع العقبة الإجرائية التي تحول دون ممارسه السلطات المختصة لحريتها في المطالبة بتطبيق احكام قانون الجزاء الكويتي. حيث ان الاصل في تحريك الدعوى الجزائية للنيابة العامة لكن هذا الأصل يرد عليه استثناء حيث تغل يد النيابة العامة عن تحريك الدعوى الجزائية دون ان يقوم شخص المجني عليه برفعها وبذلك تكون سلطة النيابة العامة مقيدة ومشروطة في حدود جرائم محدده يتولى القانون بيانها. فلا تمارس النيابة هنا دورها دون رفع العقبة الإجرائية او القيد الاجرائي الذي يغل يدها عن التصرف. وذلك بتقديم شكوى من المجني عليه في الجريمة يعبر عن ارادته في رفع ذلك القيد الذي يغل يد النيابة العامة فتسترد حريتها كامله في تقدير مدى ملائمة تحريك الدعوى الجنائية او رفعها ويكون لها ان تحرك الدعوى الجنائية او ان تامر بحفظ الاوراق دون تحقيق برغم الشكوى.
فاذا رفعت سلطة التحقيق الدعوى الجزائية عن جريمة يعلق فيها القانون رفع الدعوى على قيد معين دون أن يتحقق هذا الشرط، فان الحكم الصادر في الدعوى يكون منعدماً لعدم اتصال المحكمة بالدعوى على الوجه الصحيح، وكان يتعين على المحكمة ان تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني.
يترتب على الصلح او العفو الفردي ما يترتب على الحكم بالبراءة من آثار، ولكن في غير الجرائم التي يشترط فرفع الدعوى فيها شكوى المجني عليه، لا يترتب على الصلح او العفو الفردي اثاره الا بموافقة المحكمة.
إذا رغب المجني عليه في العفو عن المحكوم عليه او الصلح معه بعد صدور حكم نهائي بإدانته، قدم طلبا بذلك الى المحكمة التي اصدرت هذا الحكم لتنظر فيه وفقا للأحكام السالفة الذكر.
وإذا تعدد المجني عليهم في جريمة، وصدر العفو او الصلح عن بعضهم، فلا يكون له آثار الا إذا اقره الباقون، او إذا اقرته المحكمة رغم معارضتهم إذا تبين لها انها معارضة تعسفية.
من أهم مسوغات تطبيق نظام الصلح الجنائي في الكويت أنه يحقق الفوائد التي تعود بالنفع على كلا المصلحتين وهما مصلحة المجني عليه ومصلحة الجاني ويحقق المساواة والعدالة التي يطمع بها أفراد الدولة، لذا من الجيد أن يأخذ المشرع الكويتي بنظام الصلح الجنائي ويطبقه في الكويت لما فيه من إيجابيات كثيرة للأفراد والدولة والأجهزة المختصة والحث على تطبيق نظام الصلح الجزائي في الكويت عدد كبير من المصالح منها استقرار المجتمع وتحقيق الردع العام والخاص لكونه يعد من أهم الوسائل لحل النزاعات فلا بد من الحرص على تفعيله وتوعية الأطراف به للاستفادة من جملة المزايا التي يحققها.
قد يهمك أيضا: الدفاع في قضايا التهديد و الابتزاز حسب قانون الجرائم الالكتروني الكويتي