الجابرية قطعة 1 ب
info@lawyerq8.com
اتصل بنا: 94444897
التدابير الاحترازية في التشريع الكويتي

التدابير الاحترازية في التشريع الكويتي | تحمي التشريعات العقابية قيماً معينة وتهدف في ذاتها إلى تحقيق مصلحة الفرد والجماعة معاً ، بل أنها تهدف إلى مصلحة الجماعة إذا ما تعارضت مع مصلحة الفرد ، ولا شك ان العدالة في وقتناً المعاصر تقتضي ان تكون عدالة إنسانية ، وتتحقق الأخيرة في نطاق قانون العقوبات من خلال اتباع المشرع إجراءات دفاعية تهدف بذاتها إلى منع الجريمة من خلال اتخاذ التدابير الاحترازية.

قد يهمك أيضا : التعويض في المسؤولية التقصيرية في القانون الكويتي

وفي إطار ذلك يحدثنا المحامي / حسين شريف الشرهان عن التدابير الاحترازية في التشريع الكويتي وذلك في النقاط التالية:

مفهوم التدابير الاحترازية:

التدابير الاحترازية هي مجموعة من الإجراءات القانونية التي يجري اتخاذها لمواجهة الخطورة الإجرامية تحقيقاً لمصلحة المجتمع.

وعلى ذلك فان فالتدابير الاحترازية في ذاتها وسيلة اجتماعية يدرء بها المشرع الخطورة الإجرامية الكامنة داخل بعض الأشخاص ، فهي ليست عقوبة يقصد منها الإيلام ، بل ان غاية ما يرجي منها منع وقوع الجريمة والوقاية من الخطورة الإجرامية حال تحققها لدي الفرد حماية لأمن وسلامة المجتمع.

ونشير إلى ان التدابير الاحترازية لم تكن من نتاج أفكار التشريعات الوضعية ، بل ان الشريعة الاسلاميه كانت سباقة في تقريرها ، ولا ادل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم ” انصر آخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقال رجل يا رسول الله : انصره اذا كان مظلوماً أفرأيت ان كان ظالماً كيف انصره ؟ قال تحجزه أو تمنعه عن الظلم فان في ذلك نصره ”  ، ولقد ذهب أئمة الفقه الإسلامي إلى حق ولي الأمر في تعزير كل معصية ليس لها عقوبة مقدرة في الشرع ، ولقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بانه يجوز لولي الأمر اذا تكررت الجرائم من قبل احد الأفراد ولم يزجر عنها بالحدود ، ان يحبسه حتى الموت ليدفع ضرره عن الناس.

أهمية التدابير الاحترازية

 ان نظام تقرير العقوبات لم يكن قادراً على حماية المجتمع من وقوع الجريمة ، اذ عجزت العقوبات بصورة واضحة على إصلاح المتهمين ، سيما في ظل المناداة بضرورة حماية المجتمع من معاودة ارتكاب الجناة للجرائم والاستفادة من إعادة تقويم وتأهيل هؤلاء الجناة والتي تتعارض فلسفتها مع العقوبة وطبيعتها ، لذا فقد ارجع الفقه الحديث أهمية الأخذ بنظام التدابير الاحترازية إلى اعتبارات ثلاث :

  • عدم كفاية وكفاءة نظام العقوبات في إصلاح الجناة:

ان إصلاح شخصية الجاني تقتضي دراسة شخصيته وذلك لتحديد ما بها من مواطن خلل ، ومن ثم بحث الأسباب ومحاولة إصلاحها بوسائل لا تقم على تحقيره أو إيلامه ، بل إلى تهذيبه وعلاجه وتقويمه.

ولا يمكن للأساليب الإصلاحية ان تؤدي دورها وتثمر نتائجها لم يمنح الجاني الوقت الكافي للتهذيب وتلقي العلاج ، ولا شك ان فلسفة العقوبة تتعارض مع هدف إصلاح الجاني الأمر الذي يجعلها عاجزة عن تحقيق ذلك.

  • قصور العقوبات في ردع الجناة:

قد يكون هناك فئات من المجرمين ممن لا يجدي معهم نفعاً توقيع عقوبات عليهم، اذ تصبح العقوبة عديمة الفائدة في مواجهة خطورتهم الإجرامية وردعهم ولعل من هذه الفئات ما يلي :

  • المجرمون معتادي الأجرام: وتعد هذه الفئة من الفئات الأكثر والأشد خطورة بما يجعل العقوبة غير كافية وفعالة في مواجهتهم ، ويتجلى ذلك بوضوح من تكرارهم للجريمة ، وهو ما لا يجدى معه نفعاً من الاكتفاء بتقرير العقوبات سواء كانت بصورتها المشددة أو بصورتها المخففة ، اذ ان محترفي الإجرام ليس في حاجه إلى عقوبة بل أنها في حاجة إلى دراسة شخصيته وفحص أسباب إقدامه على الجريمة ومن ثم معالجته بأساليب أخرى غير العقوبة.
  • المجرمون ذو المسؤولية المخففة: قد يكون الجاني لديه سبباً قانونياً لتخفيف مسؤوليته الجنائية ، نتيجة لنقص حرية الاختيار لديه مما يكون سبباً في تخفيف العقوبة فتكون قصيرة المدة ، وهو ما جعل العقوبة غير مجدية لمواجهة الميول الإجرامية لدي الجاني.
  • المجرمون المدمنون: قد ترتكب الجريمة من قبل الأشخاص ممن اعتادوا على تعاطي المواد المخدرة والكحوليات إلى حد الإدمان ، ولقد اظهر الواقع العملي ان الإدمان مرض لا تجدى معه العقوبات السالبة للحرية نفعاً لذا فان من الأفضل التعامل مع المجرم المدمن على أساس كونه مريض اكثر من التعامل معه على أساس كونه مجرماً.
  • قصور العقوبة في مجال التطبيق:

هناك بعض الحالات لا يمكن للعقوبة ان تتدخل فيها على الرغم من خطورة الجريمة المرتكبة ، وذلك لانعدام مسؤولة الجاني ، كالمجرم المجنون الذي يرتكب جريمته تحت تأثير الآفة العقلية ، وهو ما يترتب عليه تهديد المجتمع بارتكاب جرائم مستقبلية ، وهو ما لا يمكن مواجهته بتقرير العقوبة اذ انه لا يجوز توقيع العقوبة قبل وقوع الجريمة ، لذا فان العقوبة في كثير من الأحيان تبقي غير قادرة على ردع الجاني وغير صالحة لإعادة تأهيله ، وهو ما استلزم البحث عن وسائل أخرى تكون قادرة على معالجة هذا القصور الذي أصاب العقوبة بالإضافة إلى تدعيم النظام الجزائي ، وهو ما يتوافر في تطبيق التدابير الاحترازية.

التدابير الاحترازية السالبة للحرية

تتنوع التدابير الاحترازية السالبة للحرية وذلك تبعاً للحالات المختلفة التي تواجهها ، اذ ان التدابير الاحترازية لا تواجه نوعاً معيناً من المجرمين الخطرين ، بل أنها تواجه مجموعة مختلفة منهم وبالتالي فإنها تتلاءم مع الفئات جميعاً وفقاً لطبيعتها ، ولقد كانت الشريعة الإسلامية سباقة في وقاية المجتمع الإسلامي من الخارجين على النظام والشريعة الإسلامية.

وعلى ذلك فان التدابير السالبة للحرية تتمثل فيما يلي:

أولاً: الحجز في مأوي علاجي:

قد يكون المجرم مريضاً ويحتاج إلى مواجهة إجرامه إلى علاجه علاجاً طبيباً، ويعد التدبير الاحترازي المتمثل في الحجز في مأوي علاجي بمثابة مصحة علاجية للأمراض النفسية أو العقلية أو الإدمان على المواد المخدرة وإدمان المسكرات.

ويجري تطبيق هذا التدبير من خلال الزام المحكوم عليه بالإقامة داخل المصحة أو المستشفى العلاجية وذلك للخضوع للإجراءات العلاجية ، وينزل هذا التدبير بمجموعة من الفئات تتمثل فيما يلي:

  • المجرمون المصابون بالجنون.
  • المجرمون المصابون بالخلل النفسي والعته.
  • المجرمون المدمنون على تعاطي المواد المخدرة والمسكرات.

ويجري تطبيق هذا التدبير لتلك الفئات المشار اليها دون ان تكون هناك مدة محددة ، اذ يبقي مدة التدبير رهناً بمدى استجابة الجاني إلى العلاج ، ويجري الاستمرار في تطبيق هذا التدبير بشكل دوري بموجب قرار تصدره المحكمة المختصة استناداً الي التقارير الطبية الدورية الصادرة عن المأوي العلاجي أو المصحة العلاجية.

ولقد اخذ المشرع بتطبيق هذا الإجراء في شأن مكافحة تعاطي المواد المخدرة اذ نصت المادة “

ثانياً: العزلة:

يعد تدبير العزلة من التدابير التي تتبناها التشريعات العقابية وذلك بقصد إقصاء المجرمين الخطرين عن المجتمع ، وغالباً ما يجري تطبيق هذا التدبير على المجرمين معتادي الإجرام من خلال وضعهم داخل منشآت خاصة ، يجري فيها تكليفهم بالقيام بالأعمال والتدريب على حرفاً صناعية تتناسب مع قدراتهم الجسدية والعقلية ، أو من خلال وضعهم في مستعمرات زراعية ، وذلك نظير اجر يتقاضونه نظير القيام بهذه الأعمال.

ولقد اخذ قانون الجزاء الكويتي بهذا التدبير من خلال نصه في المادة  ، وذلك بقصد مساعدة الجاني إلى الاندماج في المجتمع من جديد ، وتكسبه من مهنة أو حرفة يتعيش منها بصورة شريفة ، ويجري تطبيق هذا التدبير بالإضافة إلى العقوبة الأصلية على المحكوم عليه في جريمة من الجرائم.

ثالثاً: الحجز في دار للعمل:

ويتمثل هذا التدبير في إخضاع طائفة لديهم سلوك مريب يبعث على التخوف والقلق من ارتكابهم جرائم في المستقبل، بسبب عدم تآلفهم مع المجتمع واستهتارهم مع التشريعات، وذلك لتأمين معاشهم بشكل غير شرعي وغير قانوني، وهذه الفئة تتمثل في المشردين والمتسولين.

طالع ايضا : تصرف احد الورثة في المال الشائع في التشريع الكويتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل بنا: 94444897
× whatsapp