تتنوع المعاملات بين الأفراد بتنوع حاجياتهم ورغباتهم، فكلما تطور عيش الفرد، كلما احتاج إلى إبرام أكثر معاملات مع غيره. هذا وتتأسس المعاملات في مجملها على العقد الذي يعرفه الفقه بكونه تلاقي إرادتين أكثر على إنشاء التزام أو تحويله أو إنهائه مع تنظيم كل ذلك قياما وتنفيذا. لكن قد تطرأ على العقد في مرحلة تكوينه إخلال أو أكثر بشروط تكوينه: الأهلية والرضاء والمحل والسبب، فيصبح من الضروري عدم العمل بالعقد لكونه سيضر بإحدى أطراف العقد أو كليهما. لذلك يتنزل جزاء البطلان كآلية لدفع الضرر الممكن حصوله لأطراف العقد. فالبطلان إذن هو جزاء قانوني مدني يتسلط على العقد في مرحلة إبرامه.
طالع ايضا : ارتباط الدعوى المدنية والدعوى الجنائية في القانون الكويتي
يتم طلب إبطال العقد سواء عن طريق رفع دعوى مستقلة أمام القضاء أو في إطار الدفع.
فإذا ما تم رفع دعوى في البطلان، فإنها تخضع لآجال السقوط المقررة بالقانون.
أما إذا تم إثارة البطلان عن طريق الدفع، فإن آجال السقوط لا تنطبق في هذه الحالة ويمكن القيام بالدفع مهما طال الزمن.
في هذا المقال سنتعرض إلى أنواع البطلان في قسم أول وإلى آثار البطلان في القسم الثاني.
1/أنواع البطلان:
البطلان كما هو معهود نوعان: مطلق ونسبي. وقد استعمل المشرع الكويتي في القانون المدني لسنة 1980 عبارة “العقد القابل للإبطال” ليقصد به البطلان النسبي ثم استعمل عبارة “العقد الباطل” ليقصد به البطلان المطلق.
يختلف البطلان المطلق عن البطلان النسبي في كون الأول يترتب عن بعض الإخلالات، وله جملة من القواعد والآثار التي قد تختلف في البعض منها، على الأقل، عن حالات الثاني.
فما يتعلق منها بالسبب وبالمحل من المخالفات يكون حريا بالبطلان المطلق، وما يتعلق منها بالرضاء، يكون حريا بالبطلان النسبي.
وما يترتب عنه البطلان المطلق لا تمكن إجازته أو تصديقه، بخلاف ما يترتب عن البطلان النسبي، حيث تجوز المصادقة عليه وتصحيح إخلالاته، فضلا عن الاختلاف في آجال التقادم ونظام الدعوى في كلا الحالتين.
وقد أشار الطعن 121/99 تجاري جلسة 13/12/1999 إلى البطلان المطلق في قوله: “البطلان يعني العدم وأن إعمال عقد باطل لم تتوافر له أركانه يتنافي مع النظام العام”.
أما في البطلان النسبي فأركان العقد متوفرة لكنها فقط معيبة، كما أن البطلان النسبي لا يهم النظام العام فلا تثيره المحكمة من تلقاء نفسها بل تقضي به عند إثارته من طرف الخصوم.
2/آثار البطلان:
وعلى مستوى الآثار نلمس اشتراكا بين البطلان المطلق والبطلن النسبي. حيث يترتب عن البطلان بنوعيه، إلغاء ما رتبه العقد المصرح بإبطاله من نتائج، ويكون ذلك مبدئيا باسترداد ما دفع من المساهمات تنفيذا لمقتضياته وذلك طبقا لمقتضيات المادة 187 من القانون المدني الكويتي الذي ينص على أن: “إذا بطل العقد أو أبطل، يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها عند العقد” ويجب حينئذ على كل منهما أن يرد لصاحبه ما قبضه منه بموجب العقد المذكور أو من جرائه. وأما الحقوق التي اكتسبها الغير قانونا بغير تدليس، فتجري عليها الأحكام الخاصة المتعلقة بالعقود الخاصة.
ومما يذكر في نطاق المبدإ المذكور، أنه ينطبق في جميع العقود، والالتزامات.
ولما كان الاسترداد من النتائج الخطرة، فغالبا ما تسعى النظم القانونية، بإعانة من الفقه أحيانا، إلى تفادي ذلك، ومن الطرق المعتمدة في الغرض إنقاذ العقد الباطل، ويتم ببعض الأوجه المعينة لذلك.
ومن المواد التي نصت على الإنقاذ نجد المادتين 190 و191 من القانون المدني الكويتي.
الخاتمة:
لئن اختلف البطلان النسبي والمطلق في عدة أوجه إلا أنهما يشتركان على مستوى الآثار القانونية المترتبة عنهما.
قد يهمك أيضا : إحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة في الكويت