أركان الاستشارات القانونية | لا يستطيع الانسان أن يلم بجميع العلوم والمعارف، لذلك فهو بحاجة ماسة لمن يرشده إلى هذه المعارف، فالشخص غير المختص يطلب الرأي والاستشارة من غيره من المختصين، وتتميز الاستشارة القانونية باتساع نطاقها، ونظراً للتطور السريع واختلاف مجالات العلم القانوني فقد بات من الصعب على الفرد غير القانوني أن يتخذ قراراً في أمر معين دون استشارة أصحاب الخبرة القانونية، فكثرة القوانين وتشعبها جعلت من الصعوبة على الفرد العادي استيعابها أو حتى استخلاص مضمون الحكم القانوني منها، مما يؤدي إلى هدر الحقوق، وكم من الناس ضاعت حقوقهم بسبب خطأ واحد كان يمكن تداركه باستشارة محامي قبل القيام بأي عمل مهاما كان نوعه، وأصبحت القوانين تنظم كافة مجالات الحياة وما من مجال إلا ويحكمه قانون أو أكثر، وكل الأخطاء التي ارتكبها الناس بقصد أو بدون قصد كان من الممكن تداركها بخطوة بسيطة جداً وهي استشارة محامي، فقد قيل قديماً درهم وقاية خير من قنطار علاج.
قد يهمك أيضا : التعسف في استخدام السلطة في الكويت
حالات طلب الاستشارة القانونية
هناك عدة حالات يجد فيها الشخص الطبيعي أو المعنوي نفسه بحاجة إلى استشارة أهل الخبرة والقانون في مسألة ما، ومن أبرز هذه الحالات:
- قد يكون طالب الاستشارة صاحب حق بريد معرفة السند القانوني لحقه والأصول والإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على حقه أو المحافظة عليه.
- قد يكون متهماً يريد تهيئة الدفاع لرد الادعاء عنه وإسقاط الملاحقة بحقه، أو التخفيف من وقعها على شخصه وماله.
- كما قد يكون مدعى عليه أو ملاحقاً، ويريد معرفة موضوع الادعاء عليه وسنده القانوني والوسائل التي يجب عليه اعتمادها للحفاظ على حقوقه.
- معرفة حكم أو موقف القانون بخصوص نزاع حاصل، وهنا تشبه الاستشارة المسألة القانونية التي تتطلب حلاً.
- معرفة حكم أو موقف القانون بخصوص نزاع من المتوقع حصوله مستقبلاً، وهنا نكون أمام وقائع ثابتة وأخرى محتملة، مما يعني أن هناك أكثر من حل لأكثر مسألة مفترضة.
- قد تطلب الاستشارة لتجنب نزاع قد يحصل، أو ضرر قد يتعرض له صاحب الاستشارة من جراء عمل أو مجموعة أعمال ينوي القيام بها.
- الرغبة في الوقوف على المواصفات القانونية والنتائج التي تترتب أو تتفرع عن وضع ما، وما يمكن أن يرتد على طالب الاستشارة بسببه، وما يترتب عليه.
- الرغبة في القيام بعمل أو بنشاط معين، ويريد المستشير معرفة الإطار القانوني الذي يريد التحرك ضمنه تحقيقاً لمصالحه الشخصية، دون تعريض نفسه ومصالحه أو مصالح الآخرين للضرر.
أركان الاستشارة القانونية في القانون الكويتي
تتمثل أركان الاستشارة القانونية في تحديد الإشكالية أو النقاط القانونية، للبحث عن القواعد والمبادئ القانونية التي تعالج هذه الإشكالية، ثم يتم مناقشة وتحليل مدى انطباق هذه القواعد والمبادئ على النقاط القانونية، لتمكن من استنتاج الرأي الأفضل الذي يعطى كاستشارة.
- تحديد النقاط القانونية:
أي استعراض وقائع النزاع، ويكون بقراءة المسألة عدة مرات لفهمها واستيعابها، كما يتم تحديد وقائع النزاع بالاستماع إلى طالب الاستشارة أكثر من مرة، والطلب منه توضيح كافة العناصر الواقعية التي يعرفها وكافة الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع الاستشارة، والتي يجب قراءتها أكثر من مرة لتوجيه أسئلة إلى المستشير لاستيضاح بعض الأمور، لأن بعض نقاط النزاع ستخضع لتقدير القاضي.
وبعد استعراض وترتيب الوقائع يتم استخلاص النقاط القانونية التي يتوجب معالجتها ودراستها لإظهار النتائج القانونية التي تترتب عليها، أو التي من المحتمل أن تترتب عليها أو تتفرع عنها.
- تحديد القواعد القانونية:
بعد معرفه النقاط القانونية يتم مراجعة كافة النصوص التشريعية التي ترعى النقطة موضوع الاستشارة، ويتم تحديد مضمونها ومفهومها لمعرفة ما إذا كانت هذه النصوص تنطبق على الواقعة أو الوقائع القانونية موضوع الاستشارة أم لا.
- دراسة تطبيق القواعد على الوقائع:
تتم بدراسة كيفية إنزال او تطبيق حكم القواعد القانونية على الوقائع المعروضة أو المفترضة لتحديد الحلول أو الآراء الممكن إعطائها، إذ قد يكون هناك تأويلات محتملة تؤدي الى أكثر من رأي، وهنا تعمد كما في حل المسائل إلى التكييف أو الربط ما بين الواقعة والقاعدة القانونية وتعليل ذلك، وإذا ما كان هناك عناصر قابلة للتغيير فيجب استعراض مختلف الفروض للوصول إلى الحكم القانوني لكل منها.
- الاستنتاج:
بعد دراسة كافة النقاط القانونية أركان الاستشارات القانونية وإعطاء الأراء المقترحة حول كل منها، لا بد لنا من وضع خلاصة للرأي الذي نعطيه بأسلوب موجز وواضح، ليشكل دليلاً أو منارة لطالب الاستشارة، ليكون على بينة من أمره فيما ينوي اتخاذه مسلك، ولكون طالب الاستشارة غير معني لا بالأراء الفقهية ولا باجتهادات المحاكم ولا بآليات ومنهجية حل المسائل، بل يريد الرأي القانوني أو النصيحة فحسب، لهذا يجب أن تتضمن الخلاصة الاحتمالات الممكنة لكل منها، ويجب تقديم الرأي الشخصي الذي يبرز الحل الأرجح أو النصيحة المطلوبة.
مراحل تحرير الاستشارة القانونية
لا يوجد قاعدة أو قواعد مقدسة تتبع في التحرير القانوني لأن لكل شخص أسلوبه وطريقة تفكيره، إلا أن المتفق عليه هو وجود بعض القواعد التي على المستشار احترامها في هذا المجال كاستعمال المصطلحات المتداولة والابتعاد عن المصطلحات الصعبة، ولا بد من استعمال الكلمة الصحيحة والتي تعبر عن المعنى وبالتالي البحث عن مدلول الكلمات في المعاجم القانونية، ويستحب أن تكون الجمل قصيرة وهادفة بدل الجمل الطويلة المملة، وينطلق التحرير من المقدمة ليمر إلى صلب الموضوع قبل الخاتمة أو الخلاصة وفق الآتي:
- المقدمة:
يجب أن تتضمن المقدمة التعريف بأطراف الاستشارة أي من هو طالب الاستشارة ومن هو المطلوب ذده إن وجد، ولابد من كتابة الأسماء كاملة للأفراد، وباسم الممثل القانوني إن كان الأمر يتعلق بشخص معنوي، ومن ثم ذكر العناصر الواقعية التي تم سردها من قبل طالب الاستشارة، ثم تحديد الهدف من الاستشارة لأن الاستشارة لا تطلب إلا وطالبها يريد الوصول إلى نتيجة معينة.
- متن الاستشارة:
ويمكن تقسيمه إلى قسمين الأول يحدد إطار الاستشارة وتحليل صعوبة الاستشارة، وفي هذه المرحلة يجب تحديد إطار الاستشارة للوقوف على نوعية النزاع الناشئ أو المرتقب، وبالتالي تحديد النقاط القانونية التي تستوجب جواباً قانونياً، ولا بد من تحديد الصعوبة المرتبطة بالاستشارة، وهل موضوع هذه الاستشارة موضوع عادي أم لم يسبق أن تم طرحه، وهل سبق للقانون أو القضاء أن بت في هذا الموضوع مع ذكر المصادر القانونية والقضائية والفقهية.
وإذا كان موضوع الاستشارة غير مستقر قضائياً أو أن القوانين التي تحكمه غامضة، فلا بد في هذه الحالة من بسط جميع النصوص القانونية وتأويلها وذكر الاجتهاد القضائي ومختلف الاتجاهات وآراء الفقهاء والقانون المقارن.
أما القسم الثاني فيكون للبحث عن الحلول والاستدلال، وتبدأ هذه المرحلة من بيان القاعدة القانونية أو القواعد التي يجب أن تطبق على موضوع الاستشارة، وكذلك بيان القواعد التي يجب استبعادها، ثم يقوم المحامي بتحليل قانوني لموضوع الاستشارة ومناقشة جميع المعطيات، وبسط جميع القواعد القانونية للوصول إلى رأي يكون هو قلب الاستشارة.
- الخلاصة:
وهي ما ينهي بها المحامي الاستشارة ويعطي رأيه بشكل واضح يكون دليلاً لطالب الاستشارة في اتخاذ القرار الصائب.
طالع ايضا : في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات والاتجار غير المشروع فيها