الحبس الاحتياطي في القانون الكويتي ، في بعض الأحيان، يقتضي القيام بالتحريات والتحقيق الابتدائي من قبل المحققين اللجوء إلى إجراءات تسمى بالتحفظية تهدف إلى ضمان بقاء المتهم على ذمة العدالة وقطع كل سبل الفرار أمامه. ومن بين أهم الإجراءات التحفظية التي يلتجئ إليها المحققون عند ممارستهم للتحريات الابتدائية نجد الحبس الاحتياطي. هذا الإجراء لم يقدم له المشرع الكويتي تعريفا دقيقا لذلك تولى الفقهاء تعريف حبس الاحتياطي بكونه سلب لحرية المتهم مدة محدودة من الزمن وذلك وفقاً لمتقضيات التحقيق وفقاً لما قرره القانون.
فالحبس ليس عقوبة في حد ذاتها، بل هو اجراء تحفظي مؤقت في انتظار توقيع العقوبة النهائية على المتهم وذلك على الرغم من كونه عقوبة سالبة للحرية لأنه لم يصدر به حكم بالإدانة وذلك وفقاً للمبدأ المقرر أنه لا عقوبة بغير حكم قضائي بالإدانة.
طالع ايضا: جريمة الخطف في القانون الكويتي
نظم المشرع الكويتي الأحكام العامة الحبس الاحتياطي في القانون الكويتي بالمواد 69 إلى 74 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 17 لسنة 1960. وعلى هذا الأساس سنتطرق إلى الأحكام المتعلقة بحبس المتهم من جهة، ثم الأحكام المتعلقة بالإفراج عنه من جهة أخرى.
1/النظام القانوني لحبس المتهم احتياطيا:
شكل ضمان مصلحة التحقيق وعدم هرب المتهم أو تأثيره في سير التحقيق هاجس المشرع الكويتي من خلال القواعد التي أرساها في حبس المتهم احتياطا.
حيث مكن المحققين من حبس المتهم احتياطيا بشرط ألا تتجاوز مدة الحبس ثلاثة أسابيع في قضايا الجنايات وألا تزيد على عشرة أيام في قضايا الجنح تحتسب من تاريخ القبض عليه طبق مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 69 من قانون الإجراءات الجزائية بعد تنقيحها بالقانون رقم 35 لسنة 2016.
لكن قد يتراءى للمحققين عند قرب انتهاء مدة الحبس الاحتياطي أن مصلحة التحقيق تقتضي بقاء المتهم في السجن لمدة إضافية باعتبار المدة التي قضاها لا تكفي لضمان حسن سير التحقيق.
لذلك أجاز المشرع تجديد حبس المتهم لمدة إضافية لكن بشرط عرض المتهم على رئيس المحكمة المتعهدة بالقضية قبل انقضاء مدة حبسه الأصلية وشرط ألا تزيد مدة تجديد الحبس على خمسة عشر يوما في كل مرة يطلب فيها تجديد الحبس (الفقرة 2 من المادة 69 من قانون الإجراءات الجزائية).
إلا أنه في صورة وصول مدة حبس المتهم (بما في ذلك تجديد حبسه) لستة أشهر ابتداء من تاريخ القبض عليه، فقد اشترط المشرع الكويتي لتجديد حبسه صدور أمر من المحكمة المختصة بنظر الدعوى بتركيبتها الجماعية بناء على طلب المحقق، وبعد سماع أقوال المتهم والاطلاع على ما تم في التحقيق. وذلك يعود لخطورة القرار المتخذ لتجديد الحبس في هذه المرحلة.
وأمر المحكمة في هذا الشأن ينبغي أن يراعي المدة التي حددها المشرع في تجديد الحبس الاحتياطي والتي هي شهر (ثلاثون يوما) في كل مرة من تاريخ صدور أمر التجديد. (المادة 70).
ورغم اهتمام المشرع الكويتي بحسن سير التحقيق، إلا أنه لم يهمل حقوق المتهم المراد حبسه.
حيث ألزم المحققين قبل إيداع المتهم في السجن الاحتياطي أو قبل تجديده بسماع أقوال المتهم ضمانا لحق الدفاع.
أما إذا كان المتهم في حالة فرار وصدر أمر حبس ضده من المحكمة المختصة في تركيبتها الجماعية أو ممثلة في شخص رئيس المحكمة، فإنه لا بد من سماع أقوال المتهم قبل مضي أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه.
هذه الأحكام المتعلقة بسماع المتهم هي موضوع المادة 71 من قانون الإجراءات الجزائية الكويتي.
2/النظام القانوني للإفراج على المتهم
عند انتهاء مدة حبسه، يتم الإفراج عن المتهم بإطلاق سراحه وإخلاء سبيله.
وقد حدد المشرع الكويتي الشروط الواجب توفرها للإفراج عن المتهم بالفقرة الأولى من المادة 72 من قانون 1960 وهي على التوالي:
*إذا لم يعد هناك مبرر لحبس المتهم.
*إذا لم يكن هناك ضرر على التحقيق من إخلاء سبيل المتهم.
*إذا كان لا يخشى هربه أو اختفاؤه.
وبتمحيص النظر في هذه الشروط، نجد أنها تعود في منتهاها إلى شرط وحيد عام وهو الشرط الأول أي ألا يكون هناك مبرر لحبس المتهم.
وبالتالي، فإنه بتوفر هذا الشرط العام، يجوز للمحقق إصدار قرار بالإفراج عن المتهم.
لكن اتخاذ قرار الإفراج على المتهم متوقف على شرطين هامين:
أولهما، تعهد بالحضور يتم تقديمه من قبل المتهم، وهو الشرط الوحيد الواجب توفره في إطار كافة الجرائم ما عدا الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام أو بالحبس المؤبد.
ثانيهما، ضمان متمثل في كفالة أو تأمين مالي وهو شرط إضافي يجب توفره في إطار الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام أو بالحبس المؤبد ويمكن أن يكون واجبا في غيرها من الجرائم حسبما تقتضيه ظروف القضية. ذلك ما اقتضاه المشرع بالمادة 72 من قانون 1960.
هذا وقد حدد المشرع تاريخ نفاذ قرار الإفراج بالفقرة الأولى من المادة 73 من قانون 1960 وهما تاريخان اثنان:
التاريخ الأول: هو التاريخ الذي يوقع فيه الكفيل تعهده وذلك إذا كان التعهد بدون كفالة أو تأمين مالي. وكذلك يمكن الاعتداد بهذا التاريخ في صورة ما إذا كان التعهد مصحوبا بضمان.
التاريخ الثاني: هو التاريخ الذي يودع فيه المتهم مبلغ التأمين وذلك إذا كان التعهد مصحوبا بضمان مالي.
والاعتماد على هذا التاريخ أو ذاك يعود إلى السلطة التقديرية لقاضي الموضوع استنادا إلى ظروف القضية.
هذا وقد ضبط المشرع الإجراءات التي يجب القيام بها بعد نفاذ قرار الإفراج في الفقرة الثانية من المادة 73 من قانون 1960.
حيث أوجب على من أصدر قرار الإفراج وهو المحقق، أن يصدر الأمر إلى ضابط السجن الذي يوجد به المتهم لإخلاء سبيله. وبوصول الأمر له، يقوم ضابط السجن بإخلاء سبيل المتهم فورا، ما لم يكن محبوسا لسبب آخر. ففي هذه الحالة يؤشر في الأوراق بذلك.
وبمجرد إطلاق سراح المتهم، يوقع هذا الأخير تعهدا ينص فيه على أمور ثلاثة جاءت بها الفقرة الأولى من المادة 74 من قانون الإجراءات الجزائية وهي على التوالي:
*التزامه بالحضور في الزمان والمكان الذين يبينهما المحقق.
*مواظبته على ذلك كلما طلب منه الحضور.
*التزامه بدفع مبلغ يعين في التعهد إذا أخل بهذا الالتزام بالحضور والمواظبة على الحضور (شرط جزائي).
وهذا التعهد يخضع في النظام القانوني المنطبق عليه إلى النظام القانوني المنطبق على التعهد بالحضور الذي يقدم قبل الإفراج على المتهم (الفقرة الثانية من المادة 74).
الخاتمة:
إنه باستقراءنا للأحكام المتعلقة بالحبس الاحتياطي نتبين سعيا حثيثا من قبل المشرع إلى إقامة التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للمتهم وذلك نظرا للصبغة الاستثنائية للحبس الاحتياطي.