الجابرية قطعة 1 ب
info@lawyerq8.com
اتصل بنا: 94444897
عقود المقاولين

شهد اللجوء إلى عقود الخدمات في الآونة الأخيرة تزايدا مستمرا نظرا لكثرة المشاغل وتشعب مجالات الحياة. فقد يحتاج الفرد لتلبية حاجياته المتنوعة لخدمات وأنشطة عدة وذلك يعود سواء لجهله وعدم إلمامه بجوانب الخدمة أو لعدم توفر وقت فراغ كافي لقيام الفرد بتلك الخدمة بنفسه.

ومن أهم عقود الخدمات التي يتم اللجوء إليها عادة نجد عقود المقاولين. لذلك فإن تنظيم مثل هذه العقود شكل ضرورة ملحة وذلك نظرا للأهمية العملية لمثل هذه العقود. وفعلا، فقد أفرد المشرع الكويتي لهذا العقد نظاما قانونيا خاصا أورد أغلب القواعد المشكلة له بالقانون المدني لسنة 1980 وذلك بالمواد 661 إلى 697 في إطار العقود الواردة على العمل.

إلا أن هذه النصوص غير كافية بمفردها للإلمام بمختلف جوانب النظام القانوني لهذا العقد. ويعود السبب إلى أنه عقد شامل تندرج في إطاره العديد من أنواع العقود التي ترد على الخدمات. فالأعمال والخدمات التي يمكن أن تكون موضوعا لعقد المقاولة متعددة ولا يمكن حصرها.

وعلى كل حال، فإن المشرع قد أورد تعريفا لعقد المقاولة وذلك بالمادة 661 من القانون المدني الكويتي نص فيها على أن: “المقاولة عقد یلتزم بمقتضاه أحد الطرفین (المقاول) أن یؤدي عملا للطرف الآخر (رب العمل) مقابل عوض، دون أن یكون تابعا له (وإلا يكون أجيرا) أو نائبا عنه (وإلا يكون وكيلا)”.

لكن، على المستوى العملي، يتم إطلاق عقد المقاولة ليقصد بها خاصة المقاولة في البناء مضمون المواد 689 إلى 697 من القانون المدني الكويتي. لذلك، سيكون هذا الأخير هو موضوع دراستنا في هذا المقال. وجدير بالذكر في هذا الإطار أنه يمكن أن يتم اللجوء إلى مقاول البناء وإبرام عقد مقاولة معه سواء من قبل الأفراد، أو من قبل الدولة (في إطار ما يعرف بالمناقصات الحكومية). ما الذي يمكن أن يقدمه المحامي عند صياغته للعقد؟ ما هي التنصيصات التي يجب أن ترد في عقد المقاولة المبرم مع الأفراد من جهة ومع الدولة من جهة أخرى؟

طالع ايضا :حق الاطلاع على المعلومات

1/عقد المقاولة المبرم مع الأفراد:

إن عقد المقاولة يعد من العقود الرضائية لا يخضع لشكليات معينة ولا يستوجب تحرير كتب لصحته.

لكن قد يتفق طرفا العقد على تحرير كتب، فيلجآن إلى أحد المحامين يعهدان إليه بصياغته وذلك بحكم معرفته بتحرير العقود. وفي سبيل إرضاء المتعاقدين وإضفاء النجاعة على العقد المبرم بين الطرفين، يعمل المحامي على ضبط بنود العقد بشكل يضمن حقوق الطرفين بشكل متساو وعادل مستندا في ذلك إلى الأحكام القانونية التي وضعها المشرع الكويتي بخصوص تنفيذ عقد المقاولة عموما، وبالمقاولة في البناء بصفة خاصة.

وبالنظر في الأحكام المتعلقة بتنفيذ عقد المقاولة نجد التزامات متبادلة بين الطرفين.

إن الالتزام الجوهري والمحوري المحمولة على المقاول هو إنجاز البناء. إذ ترتبط به بقية الالتزامات سواء تلك المحمولة على المقاول أو حتى على صاحب العمل. فتنفيذ هذا الأخير لالتزاماته مرتبط ارتباطا وثيقا بحسن تنفيذ المقاول لالتزامه بإنجاز البناء.

لكن ما يلاحظ في هذا الشأن هو أن المشرع الكويتي أجاز للمتعاقدين أن يتفقا على سواء على اقتصار التزام المقاول بتشييد البناء وتكفل رب العمل بالمواد اللازمة للبناء وفي هذه الحالة ينشأ التزام بحفظ المواد على كاهل المقاول كما سنرى لاحقا أو على التزام المقاول بتشييد البناء اعتمادا على مواد يلتزم بجلبها المقاول نفسه. فيتكفل هذا الأخير بتقديم كل المواد اللازمة أو بعضها (على أن تكون هذه المواد مطابقة للشروط والمواصفات المتفق عليها، فإذا لم تكن هناك شروط أو مواصفات، وجب على المقاول أن يتوخى في اختيار المواد أن تكون وافية بالغرض المقصود (663/ 1) مستفادًا مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة المواد أو الغرض الذي أُعدت له، وإذا لم يتفق المتعاقدان على درجة المواد من حيث جودتها ولم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر التزم المقاول بأن يقدم موادًا من صنف متوسط طبقًا للقواعد العامة). ذلك ما اقتضاه المشرع بالمادة 672 من القانون المدني. وفي الحالين يكون العمل إجارة في الحالة الأولى واستصناعًا في الثانية.

وتتنوع التزامات مقاول البناء قصد تحقيق الغاية الأساسية من إبرام العقد المتمثلة في إنجاز البناء. وقد ضبطها المشرع الكويتي بالمواد 666 إلى 670 من القانون المدني.

أول التزام محمول على مقاول البناء هو التنفيذ حسب الشروط والمواصفات المضبوطة بالعقد. ويتعلق هذا الالتزام بكيفية إنجاز العمل على الوجه الحسن. فإذا وقع الاتفاق على مواصفات معينة يجب على مقاول البناء التقيد بها واحترامها. وفي أغلب الأحيان تأخذ هذه المواصفات شكل مخطط هندسي يتم وضعه من قبل مهندس معماري يبين فيه شكل البناء ومساحته وقياساته وغيرها من المواصفات. ويمكن أن نلمس تكريسا لهذا الالتزام بالمادة 666 -1 من القانون المدني الكويتي لسنة 1980 على أن: “على المقاول أن ینجز العمل طبقا للشروط الواردة في عقد المقاولة (…)، فإن لم تكن ھناك شروط (…)، التزم بإنجازه وفقا للأصول المتعارف علیھا وفي المدة المعقولة التي تقتضیھا طبیعة العمل مع مراعاة عرف الحرفة.”.

ويمكن للمحامي في هذا الشأن قصد تدعيم حماية رب العمل، أن يضع بندا تعاقديا يلزم فيه المقاول بدفع تأمين كضمان عن الأضرار التي يمكن أن يتحملها رب العمل.

وضع المشرع في هذه المادة مبدأ تقيد مقاول البناء بتعليمات صاحب العمل. 

غير أن المادة 689 من القانون المدني الكويتي أجازت لمقاول البناء مخالفة تعليمات معاقده إن اضطر لذلك لسبب معين وألزمه بإعلامه بذلك. هذا الحكم يقتضي تحديد السبب الذي يبرر المخالفة. يمكن تحديد هذا السبب بالرجوع لميزة الاستقلالية التي يختص بها المقاول. فالمقاول هو شخص محترف يتعاقد في غالب الأحيان مع شخص غير محترف وبالتالي جاهل لقواعد وأصول الخدمة أو الصناعة. 

وبالتالي، يتدخل المقاول بمقتضى حرفيته وخبرته الفنية ليدخل تعديلات على المواصفات المطلوبة لتنسجم مع الخصائص الفنية للعمل التي يجهلها معاقده. 

وعلى كل حال، يشترط لجواز مخالفة المقاول لتعليمات رب العمل أن تكون المواصفات مبنية على مقايسة تقديرية (المادة 689).

ألقى المشرع أيضا على كاهل مقاول البناء الالتزام بإنجاز البناء في المدة المتفق عليها وهو ما يستوجب عدم التأخر في تشييد البناء.

في غياب الاتفاق، يطالب مقاول البناء بإتمام ما تعهد به في مدة معقولة حسب المادة 666 -1 من قانون 1980.

تحدد هذه المدة منطقيا على أساس معطيات موضوعية تتعلق بطبيعة العمل وظروف إنجازه ومدى توفر أدوات العمل… كما يمكن اعتماد الأجل المعمول به حسب عرف الخدمة.

وبالتالي، يلتزم مقاول البناء بإنجاز العمل في المدة المتفق عليها أو في المدة المعقولة التي تسمح بذلك وإلا عد مماطلا.

هذه المماطلة تعطي لرب العمل حسب المادة 668 من القانون المدني لسنة 1980 الحق في فسخ العقد بعد التنبيه عليه. أما إذا حدث ضرر لرب العمل من جراء التأخير، تقوم مسؤولية المقاول. فيحرر المحامي في هذا الشأن بندا تعاقديا يضبط فيه الغرامة الجزائية عن التأخير يوثق فيه ما اتفق عليه الطرفان من تحديد لمبلغ الغرامة أو المعايير التي يتم على أساسها تقدير قيمة الغرامة.

على أن مسؤولية المقاول تنتفي إذا كان التأخير في الإنجاز راجعا لسبب ينسب إلى صاحب العمل.

وعادة ما يقع تحديد كراس شروط تضبط كيفية التنفيذ ومواعيده وشروطا أخرى تلحق بالعقد.

يلتزم كذلك مقاول البناء بالمحافظة على المواد والأشياء التابعة لصاحب العمل مثل الدعامات، الجرافات، الإسمنت وغيرها. وهو ما يفيد قيام التزام بالحفظ على كاهل المقاول. يجد الالتزام سنده بالمادة 664 -1 من القانون المدني الكويتي الذي ينص على أن: ” إذا كانت مواد العمل مقدمة من رب العمل، التزم المقاول أن یبذل في المحافظة علیھا عنایة الشخص العادي، وأن یراعي أصول الفن في استخدامھا، وأن یؤدي حسابا عنھا لرب العمل ویرد إلیه ما بقي منھا.”.

فإذا نزل عن هذه العناية كان مسؤولاً عن هلاكها أو تلفها أو ضياعها أو سرقتها.

وبالتالي نتبين من أحكام هذه المادة أن الالتزامين الأخيرين في الذكر وهما: مراعاة أصول الفن في استخدامها (أي يجانب الإفراط والتفريط فيها، ويستعمل منها القدر اللازم لإنجاز العمل دون نقص أو زيادة)، وأداء الحساب عما استعمله منها لرب العمل ورد ما بقي إليه منها، مرتبطان أشد الارتباط بالالتزام بالحفظ المحمول على مقاول البناء.

الالتزام بالتسليم: يلتزم مقاول البناء بتسليم العمل المطلوب منه في المكان وفي الآجال المتفق عليها.

وتجدر الإشارة إلى أنه لم يقع التنصيص على هذا الالتزام لا في الأحكام العامة المنظمة للمقاولة ولا في الأحكام الخاصة بمقاولات المباني والإنشاءات لكننا نجد له صدى في جملة من المواد المتعلقة بالالتزام المحمول على رب العمل بتسلم العمل من المقاول أهمها المواد 669، 672 وغيرها.

أما بخصوص الالتزامات المحمولة على صاحب العمل موضوع المواد 671 إلى 679 من القانون المدني الكويتي. فهي تتمثل فيما يلي:

أولا، تمكين المقاول من إنجاز العمل:

رب العمل يلتزم بأن يبذل كل ما في وسعه لتمكين المقاول من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم إنجازه ومن ذلك استصدار أي ترخيص إداري يكون لازمًا للبدء في العمل مثل الترخيص بالبناء، وتقديم المواد التي تستخدم في العمل، أو الآلات والمعدات اللازمة لإنجازه إذا كان رب العمل قد التزم بتقديمها، وتقديم الرسومات والبيانات والمواصفات التي يكون متفقًا على أن يتم العمل على أساسها، وقد أجاز المشرع الكويتي للمقاول، عند تأخر رب العمل عن تنفيذ التزامه بتمكين المقاول من القيام بعمله، ان يحدد له أجلا معقولا لأدائه(المادة 671 فقرة أولى)، فإذا لم يقم رب العمل بما عليه في هذه المدة المعقولة، يمكن للمقاول أن يطلب فسخ العقد. 

وعند حصول ضرر للمقاول جراء هذا التأخير، يمكن له إضافة طلب التعويض إلى طلب الفسخ (المادة 671 فقرة ثانية).

ثانيا، تسلم العمل بعد إنجازه:

ألقى المشرع الكويتي على رب العمل التزاما بتسلم العمل بعد إنجازه طبق المادة 672 من القانون المدني. والتسلم هنا ليس مجرد الاستيلاء على العمل بعد أن يضعه المقاول تحت تصرف رب العمل، كما هو الحال في التزام المقاول بالتسليم بل إنه يتضمن إلى جانب ذلك تقبل العمل والموافقة عليه بعد فحصه أو معاينته وهو ما تستوجبه طبيعة المقاولة فهي تقع على عمل  يتمثل في إنجاز بناء لم يكن موجودًا وقت إبرام العقد فوجب عند إنجازه أن يستوثق رب العمل من أنه موافق للشروط المتفق عليها أو لأصول الصنعة، ويكون ذلك بفحصه ومعاينته ثم الموافقة عليه أي تقبله والذي يقع عادة أن رب العمل يقوم بتقبل العمل وبتسلمه في وقت واحد ولكن لا يوجد ما يمنع من أن ينفصل التقبل والتسلم فيسبق أحدهما الآخر أو يليه، وعلى هذا الأساس فإنه في صورة امتناع رب العمل عن تسلم البناء دون سبب مشروع يبرر الامتناع، وضع المشرع قرينة على أن التسليم قد وقع (مادة 672)، ويشترط حتى يكون رب العمل ملزمًا بتسلمه على هذا الوجه أن يكون العمل موافقًا للشروط المتفق عليها، أو لما تقضي به أصول الصنع في العمل محل المقاولة أي خاليًا من العيوب، وغني عن البيان أنه إذا حصل اختلاف بين الطرفين حول ما إذا كان العمل موافقًا أو غير موافق، فإنه يجوز لأيهما أن يطلب ندب خبير على نفقته لمعاينة العمل ووضع تقرير يثبت حالته ليكون محل اعتبار فيما لو رفع الأمر إلى القضاء.

وطبقًا للفقرة الأولى من المادة (673) لرب العمل الحق في الامتناع عن تسلم البناء المنجز في صورتين :                          الحالة الأولى تتعلق بوجود عيب جسيم في البناء.                                                                                        الحالة الثانية مخالفة الشروط المتفق عليها في البناء والذي يترتب عنه عدم تحقيق الغاية المنشودة التي يرمي إليها رب العمل ولو لم يكن هناك عيب.

وفي كل الأحوال إذا توقع إحداث ضرر بالبناء من جراء إزالة العيب وما لم يُتفق عليه، فإن أحكام المادة 691 هي التي تنطبق وذلك فيما يتعلق بالمباني أو الإنشاءات التي تقام على أرض مملوكة لرب العمل، فإذا لم يبلغ العيب أو المخالفة هذا الحد من الجسامة، بقي رب العمل ملزمًا بالتسلم، ولكنه يكون له الحق، إما في طلب إنقاص المقابل بما يتناسب مع أهمية العيب أو المخالفة، وإما في طلب إلزام مقاول البناء بإصلاح البناء في أجل معقول يحدده إذا كان الإصلاح ممكنًا ولا يتكلف نفقات تبهظ المقاول (673/ 2) وفي جميع الأحوال أقر المشرع إمكانية إصلاح العمل من قبل المقاول في مدة معقولة إذا كان هذا لا يسبب لرب العمل أضرارًا ذات قيمة (مادة 673/ 3).

على أنه ليس لرب العمل أن يتمسك بالحقوق المتقدمة، إذا كان هو المتسبب في إحداث العيب، سواء أكان ذلك بإصداره أوامر تخالف رأي المقاول أم كان ذلك بأية طريقة أخرى وهو ما تنص عليه صراحةً المادة (674) من القانون.

ويعرض نص المادة (675) لأهم ما يترتب على تسلم العمل وتقبله من نتائج فمن وقت تسلم العمل لا يضمن المقاول العيوب والمخالفات الظاهرة التي كان يمكن كشفها بالفحص العادي، ذلك أنه إذا كان العيب في العمل واضحًا يمكن للشخص العادي أن يكشفه بالمعاينة، فالمفروض أنه إذا تقبل رب العمل، العمل دون أن يعترض، أنه قبله معيبًا ونزل عن حقه في الرجوع على المقاول من أجل هذا العيب، ومن ثم ينقضي ضمان المقاول للعيب بمجرد تقبل العمل مع مراعاة أحكام الضمان الخاص فيما يتعلق بالمباني والمنشآت المنصوص عليها في المادة (692) من القانون(مادة 675/ 1).

أما إذا كانت العيوب خفية أو كانت المخالفة غير ظاهرة ولم يلحظها رب العمل وقت تسلمه ثم كشفها بعد ذلك، فإنه يجب عليه أن يخطر المقاول بها بمجرد كشفها أو في المدة التي يقضي بها عرف الحرفة، وإلا اعتبر أنه قد قبل العمل، فإذا تم إخطار المقاول في الوقت المناسب كان لرب العمل الحقوق المنصوص عليها في المادة (673) (مادة 675/ 2). كل ذلك ما لم يتفق الطرفان على خلافه، فالأحكام المتقدمة ليست من النظام العام (وذلك على عكس أحكام الضمان الخاص في حالة المباني والمنشآت)، ومن ثم يجوز الاتفاق على تشديد ضمان المقاول بتحديد مدة ضمان العيب، كما يجوز الاتفاق على تخفيف الضمان أو الإعفاء منه، فيشترط المقاول عدم ضمانه للعيب بمجرد تقبل العمل ولو كان العيب خفيًا.

وغني عن البيان أنه إذا أخفى المقاول العيب غشًا منه، فلم يستطع رب العمل أن يكشفه وقت تقبل العمل فإنه في هذا الفرض يكون المقاول مسؤولاً عن غشه، وبمجرد أن يكشف رب العمل العيب يكون له الحق في الرجوع على المقاول بالضمان وهو فرض لا يجوز فيه الاتفاق على تخفيف الضمان ولا الإعفاء منه.

ثالثا، دفع المقابل (الأجر) للمقاول: 

نظم المشرع الكويتي مسألتين أساسيتين واردتين بالمواد 676 إلى 678 من القانون المدني الكويتي وهي: زمن دفع المقابل وتعيين المقابل.

فبخصوص زمن دفع المقابل، فقد نص المشرع بالمادة 676 على أن المقابل يستحق عند تسلم العمل أي مؤخرًا، وهذا الحكم هو الذي تقضي به طبيعة عقد المقاولة، فهو عقد على تنفيذ عمل معين لقاء مقابل معين، وبمجرد تمام العقد يصبح المقاول – وفقًا للقواعد العامة – دائنًا بالمقابل ولكن في نظير عمل لم ينجزه، ولهذا يقرر النص استثناءً من القواعد العامة ألا يستحق المقابل إلا بعد إنجاز العمل وتسلم رب العمل له. وغني عن البيان أنه يشترط لدفع المقابل عند تسلم العمل أن يكون العمل مطابقًا للمواصفات والشروط المتفق عليها، ولأصول الفن في هذا النوع من العمل، وإلا كان لرب العمل أن يحبس المقابل، طبقًا للقواعد العامة.

أما بخصوص تعيين المقابل، فمبدئيا للأطراف المتعاقدة حرية اعتماد المعيار الذي تتولى على أساسه تحديد المقابل.

أما إذا لم يتم تعيين المقابل فإن المادة 678 من القانون المدني أقرت باستحقاق المقاول مقابل المثل وقت إبرامه.

وعلى المستوى العملي يتم تحديد المقابل استنادا إلى الأسعار المتعارف عليها بحساب المتر المربع. فمثلا سنة 2020 تم تحديد سعر البناء في المتر المربع الواحد بمبلغ 162 دينار كويتي.

2/ المناقصات الحكومية أو العامة في المقاولات:

يتأثر عقد المقاولة المبرم بين المقاول والدولة أيما تأثر بالمناقصات الحكومية حتى أنه يمكن القول إن عقود المقاولين مع الجهة العامة تأخذ شكل المناقصة الحكومية باعتبار أن العقد المبرم مع الدولة ذو طبيعة خاصة لا تخضع الأحكام المنطبقة عليه للقواعد العامة المتعلقة بعقد المقاولة.

نظم المشرع الكويتي أغلب الأحكام المتعلقة بالمناقصات الحكومية بالقانون رقم 49 لسنة 2016 المتعلق بالمناقصات العامة.

لذلك قدم المشرع الكويتي تعريفا للمناقصات الحكومية بالفصل الأول من القانون المتعلق بالمناقصات العامة بكونها: ” مجموعة من الإجراءات التي تتخذها الجهة المختصة بالشراء وفقا لهذا القانون لتنفيذ عمليات الشراء أو لحصول الجهة صاحبة الشأن على الخدمات أو أي أعمال مطلوبة وفقا لهذا القانون وتخضع لمبدأ العلانية والمساواة والمنافسة.”.

وبما أن مقاولة البناء تندرج ضمن عقود الخدمات فإنها تخضع لإجراءات المناقصة العامة عندما يتم إبرامها مع جهة عامة.

ويعد إبرام المناقصات الحكومية من مشمولات الجهة المختصة بالشراء باعتبارها “الجهاز المركزي للمناقصات أو الجهة العامة التي تقوم بإجراءات للحصول على أي مشتريات.”

نص قانون المناقصات العامة على جملة من الإجراءات والأساليب يجب إتباعها وذلك لضمان صحة المناقصة. فتولى ضبط هذه الإجراءات في قانون المناقصات العامة لسنة 2016 ضمن أبواب سنذكر أهمها في هذا المقال وهي: “إجراءات الشراء وأساليب التعاقد” يضم المواد 10 إلى 23، “اختيار المتعاقد وتأهيل المناقصين” بالمواد 24 إلى 32، “طرح المناقصات وتقديم العطاءات” بالمواد 33 إلى 47، و “إجراءات البت في المناقصة وتوقيع العقد” بالمواد 48 إلى 73.

بخصوص إجراءات الشراء، فهي ترتكز على استخدام وسائل الاتصال الحديثة وذلك بغرض تسهيل عمليات إبرام المناقصات مع المقاولين (المناقصين). حيث ألزم المشرع الجهة المختصة بالشراء “أن تكون كافة الوثائق والإخطارات (أي الإشعارات) والقرارات والاتصالات (…) مكتوبةً (على حامل الكتروني)”.

لكنه ترك للجهة المختصة بالشراء هامشا من الحرية في استعمال الوسائل الالكترونية في اجراء عمليات الشراء (المادة 10).

كما ألزمها ب:

-تحديد آخر أجل لتقديم العطاءات لأي عمليات شراء ليتاح وقت كاف للمناقصين للاطلاع على الإعلان الموجه إليهم (المادة 11).

– وضع المواصفات الفنية للمناقصة بصورة واضحة لإتاحة فرص متساوية للمناقصين (المادة 12).

وبعد اختيار مقاولي البناء المؤهلين لإبرام المناقصة، يتم التعاقد معهم باعتماد إحدى الأساليب المنصوص عليها بالمادة 13 وهي تتمثل في:

– المناقصة العامة: وهو الأسلوب المبدئي في التعاقد. 

-المناقصة المحدودة: وتتم الدعوة إليها لعدد من المقاولين المتخصصين من الناحية الفنية والمالية والمسجلين لدى الجهاز.

-الممارسة (العامة أو المحدودة): (التفاوض التنافسي أو استدراج العروض ( وتتم فيها دعوة المقاولين المتخصصين بالغرض

المطلوب أو عدد منهم ليقدم كل منهم بعد إخطاره بالمواصفات المحددة عرضاً مالياً أو أكثر، ووفقاً لشروط الممارسة لاختيار أفضل العروض.

-الأمر المباشر ويتم به الحصول على الغرض المطلوب من السوق مباشرة بإسناد الأعمال أو توريد الأصناف إلى المقاول مباشرةً بواسطة الجهة صاحبة الشأن، بناءً على مذكرة مسببة منها.

وقد منع المشرع تحويل المناقصة إلى ممارسة عامة أو محدودة أو تعاقد مباشر.

هذا وقد أجازت المادة 18 للجهة صاحبة الشأن (أي الجهة العامة طالبة المناقصة) التعاقد بطريق الممارسة المحدودة أو الأمر المباشر شريطة الحصول على إذن من الجهة المختصة بالشراء بناء على طلب كتابي مسبب ويصدر قرار المجلس في هذا الطلب

بأغلبية ثلثي أعضائه الحاضرين في حالات محددة.

 واستثنت المادة 19 حصول الجهة صاحبة الشأن على إذن التعاقد من الجهاز في حالات معينة إذا لم تزد قيمة التعاقد على خمسة وسبعين ألف دينار كويتي، وذلك وفقاً للتعاميم التي تصدرها وزارة المالية. وفي حالات الضرورة القصوى يجب على المجلس الاستعجال في البت الفوري بطلب الجهة صاحبة الشأن وذلك للأعمال الطارئة، متى ما جاوزت قيمتها النصاب القانوني، على أن

تقوم هذه الجهة على وجه السرعة بإخطار الجهاز بما باشرته من إجراءات أولية مرفقة بالمستندات والمسوغات التي دعت إلى ذلك.

وعرّف القانون في المادة نفسها حالات الضرورة القصوى: ظروف لم يكن بإمكان الجهة توقعها وألا يكون الاستعجال ناتجاً عن

التباطؤ من جانبها أو ليس خارجًا عن سيطرتها حالة حدوت كارثة نتج عنها احتياج عاجل لبضائع أو أعمال أو خدمات.

أما بخصوص طريقة اختيار مقاولي البناء المتعاقدين موضوع المواد 24 إلى 32، فهي تتمثل أساسا في تسجيلهم من قبل الأمانة العامة للجهة المختصة بالشراء وتصنيفهم استنادا إلى كفاءتهم المهنية من قبل لجنة متخصصة.

ثم بعد ذلك يتم تأهيلهم لإرساء المناقصة عليهم. (المادة 32).

بعد ذلك يتم طرح المناقصات أي الإعلان عنها وتقديم العطاءات من قبل المناقصين وشروط ذلك.

وفي الأخير، يتم البت في المناقصات وفق إجراءات معينة تتعلق بفتح مظاريف الترشح وتوقيع العقد تبعا لإجراءات الترسية حيث ترسي المناقصة على المناقص الذي يتوافق مع متطلبات وثائق المناقصة وعطا ه هو الأقل سعراً.

ويعمل المحامي على تقديم استشارات في كافة المسائل المتعلقة بالمناقصات العمومية سواء للجهة المختصة بالشراء وذلك بإرشادها لأفضل طرق التعاقد حسب الأحوال أو لمقاول البناء بتبيان العروض الأنسب لوضعيته والتي تكفل أكثر من غيرها حقوقه.

الخاتمة: 

تعد عقود المقاولين من بين أهم العقود الملتجئ إليها على المستوى العملي خاصة وأنها تخضع تارة لنظامين قانونيين متميزين وهما قواعد القانون المدني عندما يبرم بين الأفراد، من جهة، وقواعد المناقصات الحكومية عندما يبرم مع مؤسسات الدولة، من جهة أخرى.

طالع ايضا : التقاضي الالكتروني في الكويت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل بنا: 94444897
× whatsapp