الجابرية قطعة 1 ب
info@lawyerq8.com
اتصل بنا: 94444897
استقلال القضاء في الكويت

إن تكريس مبدأ استقلال القضاء يعد من الضروريات اللازمة لتحقيق العدالة داخل المجتمع ، حيث ينطوي هذا المبدأ على مجموعة من العناصر التي تبعث على الطمأنينة والأمن وتحقيق العدالة ، إذ لا شك أن وظيفة القضاء تعد من أهم الوظائف إذ يلعب القضاء دوراً رئيسياً في حماية الأفراد من عسف السلطة وحماية حقوق الإنسان ، إذ أن سيادة القانون يعني استقلال القضاء ، باعتبار أن إجراء المحاكمة على نحو عادل يعد من الركائز الأساسية التي يقوم عليها المجتمع الديمقراطي.

 اذ ان السلطة  القضائية هي الامينة على حماية الحقوق والحريات وهي الضابط للاستقرار والسكينة داخل المجتمع ، لذا حرصت الدول على تقرير مبدا استقلال القضاء في كافة المواثيق الدولية والوطنية ، اذ اوجبت النصوص الواردة في الاتفاقيات الدولية ودساتير الدول وتشريعاتها الوطنية على ضرورة استقلال القضاء في ممارسته لمهمته بحيث يكون القاضي متحللاً من اي تأثير او ضغط ، بعيداً عن الاغراءات والاهواء التي من الممكن ان تجعله يحيد عن الاصغاء يفرضه القانون وتطبيقه على نحو صحيح.

فاستقلال القضاء لم يكن ليشرع ليحمي القاضي بل انه شرع في اساسه الي صالح الافراد من المتقاضين الذين تعرض قضاياهم على قاضي يفترض فيه استقلالية عن كل ما من شأنه ان يؤثر في قضاءه.

مبدا استقلال القضاء في الشريعة الاسلامية :

ولا شك ان الاسلام قد طبق منذ زمن بعيد مبدا استقلال القضاء ، فهذا هو شريح القاضي كان مجلسه في القضاء يشبه الي حد قريب من مجالس الانبياء ، وكان يعطي للقاضي من الصلاحيات ما لم تعطي لخليفة المسلمين ، ولا شك ان ذلك جاء امتثالاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ” من اعان على خصومة بظلم ، فقد باء بغضب من الله ” .

مبدا استقلال القضاء في المواثيق والاتفاقيات الدولية :

حصرت الاتفاقيات والمواثيق الدولية على استقلال القضاء باعتباره الدعامة الرئيسية لتحقيق ونشر العدالة وحماية حقوق الانسان وحرياته العامة والاساسية ، فقد جاء النص في ديباجة ميثاق الامم المتحدة على الحق في وجود نظام قضائي نزيه ومستقل ، كما نص النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية على ” تكوين هيئة المحكمة من قضاة مستقلين ” كما تضمن الاعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته الثامنة على ” حق كل انسان في اللجوء الي المحاكم المختصة في وطنه ” ونص العهد الدولي المعني بالحقوق المدنية والسياسية في مادته الرابعة عشر على ” الناس جميعاً سواء امام القضاء ، ومن حق كل فرد لدي الفصل في اية تهمة جزائية توجه اليه او في حقوقه والتزاماته في اية دعوي مدنية ، ان تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون ”

وجدير بالذكر ان اولي التشريعات الدولية التي نصت على استقلال القضاء هو الاعلان العالمي لاستقلال القضاء والصادر عام 1983م ، عن مؤتمر مونتريال في كندا حيث نص هذا الاعلان على ” حرية القاضي في الفصل في الدعوي دون تمييز او الخضوع لأية ضغوط او اغراءات ، ويكون القضاة مستقلين تجاه زملائهم واتجاه رؤسائهم ، وتكون السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، واعادة النظر في الاحكام القضائية من اختصاص السلطة القضائية وحدها ، ويحظر انشاء المحاكم الاستثنائية ، ولكل شخص الحق في التقاضي امام المحاكم العادية وتنحصر صلاحيات المحاكم العسكرية في الجرائم التي يقترفها عناصر القوات المسلحة مع بقاء الحق دوماً في استئناف قرارات هذه المحاكم امام محاكم استئنافية ضالعة في الشؤون القضائية “.

وفي عام 1985م نصت الامم المتحدة في قرارها الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 40/32 في 29 نوفمبر 1985م ، على ” تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد او قوانينه ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية ”

وعلى ضوء ما تقدم فان استقلال القضاء بات مبداً دولياً يشكل التزاماً مفروضاً على كافة الدول.

مبدا استقلال القضاء في الدستور و التشريع الكويتي :

حرص الدستور الكويتي على تقرير مبدا استقلال السلطة القضائية اذ نص في مادته 162 على انه ” شرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم أساس الملك وضمان للحقوق والحريات ” وتلي هذا النص ، نص المادة 163 من الدستور والتي نصت على ” لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل ”

ونشير الي قانون السلطة القضائية الكويتي رقم ، قد اوضح استقلالية القضاء من خلال المادة 23 ( المعدلة بموجب قانون 10 سنة 1996 المادة 10 ) ” رجال القضاء والنيابة العامة عدا من هم في درجة وكيل نيابة ( ج ) غير قابلين للعزل إلا وفقا لإجراءات المحاكمة التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون ” .

وعلى ضوء ما تقدم فان مفهوم استقلال القضاء  وفقاً لما يراه شراح القانون ان معني ” استقلال القضاء  ” بصورة عامة هو معني يتشكل من مفهومين احدهما شخصي ، والاخر موضوعي ، اما المفهوم الشخصي للاستقلال القضاء فيعني ضرورة توفير الاستقلال للقاضي بحيث لا تكون هناك اي اغراءات او مؤثرات او تعرضه لأي ضغوط سواء كانت مادية او معنوية ، وسواء مورست هذه الضغوط من قبل سلطات الدولة او مؤسساتها او من قبل الافراد ، فلا يكون هناك رقيب او سلطان على عمل القاضي سوي القانون ، بالإضافة الي ذلك فان المفهوم الشخصي لاستقلال القضاء يتضح جلياً في انعدام مسؤولية القاضي عن الاخطاء التي تصدر عنه حال قيامه بأداء مهمته اي كانت هذه المسؤولية سواء كانت تأديبية او مدنية ، طالما كانت هذه الاخطاء غير متعمدة وليست جسيمة ، ولعل السبب في ذلك هو اطلاق العنان للقاضي ليجتهد في اصداره للأحكام على نحو ما نص عليه القانون.

اما المفهوم الموضوعي لـ ” استقلال القضاء ” فهو مفهوم اشمل واوسع من المفهوم الشخصي ، ومؤداه ان تستقل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وان تكون السلطة القضائية سلطة موازية لتلك السلطتين بحيث لا يجوز لأي منهم ان تتغول على الاخرى ، فلا يجوز للسلطة التشريعية ان تصدر تعليمات او اقتراحات للسلطة القضائية تتعلق بتنظيم شؤونها ، على نحو يمس الاختصاص القضائي فلا يجوز ان تنشأ محاكم استثنائية او مجالس ذات طبيعة قضائية من خلال اعطاء صلاحيات القضاء الي ادارات تنفيذية.

 وبناء على ما سبق فان القضاء في الكويت يقتضي استقلاليته على النحو الذي اوضحناه فيما سبق

طالع ايضا : أحترس من شراك شركات التسوق بواسطة الانترنت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل بنا: 94444897
× whatsapp